للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحداهما: إذا أولج في فَرْجِ ميتة، ففيه وجهان منقولان في "التهذيب" وغيره:

أحدهما: أنه يجب الحدُّ؛ لأنه حصل إيلاجُ فَرْجٍ في فرج [محرم] (١)، لا شبهة فيه.

وأصحهما، وهو المذكور في الكتاب: أنه لا يجب؛ لأنه ممَّا ينفر الطبْعُ عنه، وما ينفر الطبع عنه لا يُحْتَاجُ إلى الزجْر عنه [بالحد]، كشرب الخمر والبَوْل.

الثانية: إتيان البهيمة حرامٌ، وفي عقوبته قولان:

أصحهما: التعزير؛ لأن الطباع السليمة تأباه، ولا يوجَدُ ذلك إلا نادراً من الأراذل، ومثل ذلك لا يزجر عنه بالحدِّ.

والثاني: أنه يجب فيه الحدُّ؛ لأنه إيلاج فرْج في فرجٍ حرامٍ، وعلى هذا فقولان:

أحدهما: أنه يقتل محصناً كان أو لم يكن، لما رُوِيَ عن ابن عبَّاس -رَضِيَ اللهُ [عَنْهُمَا]- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ أتَى بَهِيمَةً فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَة" (٢) قيل لابن عباس -رَضِيَ اللهُ [عَنْهُمَا]- فَمَا شَأْنُ البَهِيمَةِ؟ قال: ما أراه قال ذلك إلا أنه كره أن يُؤْكَلَ لحْمُها، وقد عمل بها ذلك العمَلَ، ويُروَى أنه قال في الجواب: إنها تُرَى، فيقال: هذه التي فُعِلَ بها ما فُعِلَ، وعن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا البَهِيمَةَ" (٣).

والثاني: أن حده حد الزنا، فيُفْرَق بين المحْصَن وغيره؛ لأنه حدٌّ يجب بالإيلاج، فأشبه الزنا، وفيه طريقان آخران:


(١) سقط في ز.
(٢) وفي إسناد هذا الحديث كلام رواه أحمد وأصحاب السنن من حديث عمرو بن أبي عمرو وغيره عن عكرمة، عن ابن عباس باللفظ الأول، وأما الرواية الأخرى فهي عند البيهقي بلفظ: ملعون من وقع على بهيمة، وقال: اقتلوه واقتلوها ليلاً، يقال هذه التي فعل بها كذا وكذا، قال أبو داود: وفي رواية عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس: ليس على الذي يأتي البهيمة حد، فهذا يضعف حديث عمرو ابن أبي عمرو، وقال الترمذي: حديث عاصم أصح، ولما رواه الشَّافعي في كتاب اختلاف علي وعبد الله من جهة عمرو بن أبي عمرو، قال: إن صح قلت به، ومال البيهقي إلى تصحيحه لما عضد طريق عمرو بن أبي عمرو عنده، من رواية عباد بن منصور عن عكرمة، وكذا أخرجه عبد الرزاق عن إبراهيم بن محمَّد عن داود بن الحصين عن عكرمة، ويقال: إن أحاديث عباد بن منصور عن عكرمة إنما سمعها من إبراهيم بن أبي يحيى، عن داود عن عكرمة، فكان يدلسها بإسقاط رجلين، وإبراهيم ضعيف عندهم، وإن كان الشافعي يقوي أمره، والله أعلم.
(٣) قال الحافظ في التلخيص: في إسناده كلام رواه أبو يعلى الموصلي. نا عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير عن علي بن مسهر، عن محمَّد بن عمرو عن أبي سلمة عنه بهذا، ورواه ابن عدي عن أبي يعلى، ثم قال: قال لنا أبو يعلى بلغنا أن عبد الغفار رجع عنه، وقال ابن عدي: إنهم كانوا لقنوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>