للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: على بيت المال؛ لأنها قُتِلَت للمصلحة.

وأصحُّهما: على الفاعل؛ لأن التلف جاء بسبب فعله، وشبه هذا الخلاف في أجْرَة الجَلاَّد، وإذا قلْنا: يحل الأكل فيما إذا كانت البهيمةُ مأكولةً، ففي قدر التفاوت بين قيمتها حيِّةً مذبوحةً ما ذكرنا من الخلاف، ولو مَكَّنَتِ امرأةٌ من نفسها قِرْداً، كان الحكْمُ، كما لو أتى بهيمةً، حكاه صاحب "التهذيب" وغيره، ومما يتفرَّع على الخلاف المذكور في اللِّواط وإتيان البهيمة، أنَّا إذا أوْجَبْنَا الحدَّ [فيهما]، فلا تثبتان إلا بأربعةِ شهودٍ كالزنا، وإن قلْنا بوجوب التعزير، فيكفي عدلان أو لا بد من أربعة؟ فيه وجهان:

أحدهما، وبه قال أبو حنيفة والمزنيُّ وابن خيران: [أنَّه] (١) يكفي عدلان، كما في سائر الجنايات وعقوبتها.

وأظهرهما، وينسب إلى النص: أنه لا بُدَّ من أربعة؛ [لأنها] (٢) شهادة على إيلاج فرْجٍ في فرج، فأشبهت الشهادةَ على الزِّنَا، ويجوز أن تختلفَ عقوبة الإيلاج، ولا يختلف عدد الشهود؛ كالجَلْد والرجْم في الزنا، وليكُنْ قوله في الكتاب "وإن أوجبنا الحدَّ" مردود إلى إتيان البهيمة واللواط معاً، فالحكم فيهما واحدٌ.

والمسألة في اللواط أعادها صاحب الكتاب في "الشهادات" وحَكَى الخلافَ في اعتبار العَدَد على القول بوجوب التعزير قولَيْن، والمشهورُ وجهان، كما ذكرنا هنا، وكذا قوله قبل ذَلِك، وفي قول، "تقتل البهيمة" المشهور فيه الوجه.

وقوله "بينهما" فيه "خلاف" يجوز إعلامه بالواو؛ لأن القاضي ابن كَج حكَى القَطْع بحلِّ الأكل.

قال الغَزَالِيُّ: وَقَوْلُنَا مُحَرِّمٌ قَطْعًا احْتَرَزْنَا بِهِ عَنِ الوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ وَفِي النِّكَاحِ الفَاسِدِ وَفِي المُتْعَةِ فَإنَّ الصَّحِيحَ أَنْ لاَ حَدَّ فِيهِ، وَأَمَّا وَطْءُ الحَاِئضِ وَالمُحْرِمَةِ وَالصَّاِئمَةِ فَلاَ حَدَّ فِيهِ قَطْعاً.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: القيد الرابع كونُ الإيلاج مُحْرَّمًا قطعاً، فلا حد في الوطء بالشبهة؛ لأنه لا يُوصَفُ بالحرمة، والكلام فيه مبسوطٌ من بعد، [وأردنا] (٣) بالإيلاج المحرَّم ما يُحَرَّم بعينه دون ما يحرِّم؛ لأمر من خارج، وإن لم يتلفَّظ به، فيَخْرُج وطء الحائض والصائمة والمُحْرِمِة؛ لأن التحريم ليس لعين الوطء، وإنما يحرم وطء الحائض؛ للأذى ومخامرة تلْك النجاسة، ووطء الصائمة والمُحْرِمة لحرمة العبادة، فلا يتعلَّق به الحد،


(١) سقط في ز.
(٢) فى أ: لأنه.
(٣) في ز: وأراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>