وكذلك وطء الجارية قبل الاستبراء، وكون التحريم مقطوعاً به يَخْرُج عنه الوطء في الأنكحة المختلف في صحتها، ولا يجب الحد بالوطء في النكاح بلا وليٍّ على الأصح، وقد حكينا وجهاً عن الصيرفيِّ في "باب النكاح": أنه يجب الحدُّ على مَنْ يعتقد تحريمه. ويُحْكَى عنه، وعن غيره الوجُوب على مَنْ يعتقد إباحته أيضاً، كما يوجب الحدُّ على الحنفيِّ بشرب النَّبيذ، وكذلك لا يجب الحدُّ بالوطء في نكاح المتعة، وفيه خلاف مذكور في النكاح، وقوله في الكتاب "وفي النكاح الفاسد وفي المتعة" نكاح المتعة أحد الأنكحة الفاسدة، فالنَّظْم كقوله تعالى:{فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ}[الرحمن: ٦٨].
وقوله:"فإن الصحيح" يرجع إلى النكاح الفاسد دون الوطء بالشبهة، فلا خلاف في أنه لا يجب الحد به.
واعلم أن هذا القيد يُسْتَغْنَى عنه بالذي بعْده، وصُوَرُهُ داخلةٌ في الذي بعْده، وقد كَرَّر أكثرها فيه.
قَالَ الرِّافعِىُّ: القيد الخامس: أن يكون خالياً عن الشبهة، رُوِيَ عَنْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"ادْرَءُوا الحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ"(١) وأتبع صاحب الكتاب في ضبط
(١) رواه الترمذي والحاكم والبيهقي من طريق الزهري، عن عروة عن عائشة بلفظ: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإِمام أن يخطئ في العفو، خير من أن يخطئ في العقوبة، وفي إسناده يزيد بن زياد الدمشقي، وهو ضعيف قال فيه البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك، ورواه وكيع عنه موقوفاً، وهو أصح قاله الترمذي، قال: وقد روي عن غير واحد من الصحابة أنهم قالوا ذلك، وقال البيهقي في السنن: رواية وكيع أقرب إلى الصواب، قال: ورواه رشدين عن عقيل عن الزهري، ورشدين ضعيف أيضاً، ورويناه عن علي مرفوعاً: ادرءوا الحدود، ولا ينبغي للإمام أن يعطل الحدود، وفيه المختار بن نافع، وهو منكر الحديث قاله البخاري، قال: وأصح ما فيه حديث سفيان الثوري عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال: ادرءوا الحدود بالشبهات، ادفعوا القتل عن المسلمين ما استطعتم، وروي عن عقبة بن عامر ومعاذ أيضاً موقوفاً، وروي منقطعاً وموقوفاً على =