للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الشُّبُهَاتِ" (١) تقسيماً ذكر أن الشيخ أَبَا محمَّدٍ كان يردّهُ في كلامه، وهو أن الشبهة ثلاثة أقسام، شبهةٌ في المَحْلِّ، وأُخْرَى في الفاعل، وأخْرَى في الجهة والطريق.

القسم الأول: الشبهة في المَحلِّ؛ بأن يكون مملوكاً له، كما لو وطئ جاريتَه المحرّمة عليه؛ بمحرمية رضاع أو نسبٍ؛ بأن كانت أختَهُ من الرضاع أو النسب، أو كانت بنته أو أُمَّةُ من الرضاع، ففي وجوب الحد قولان:

أصحُّهما، وبه قال أبو حنيفة: لا يجب؛ لشبهة المِلْك المبيح (٢).

والثاني: يجب؛ لأنه وطءٌ لا يستباح بحال؛ فأشبه اللواط، ويجري الخلاف فيما إذا كانت موطوءَة أبيه أو ابْنِه، ولو وطئ جاريةً مشتركةً بينه وبين غيره، أو جاريتَهُ المزوَّجة أو المعتدَّة عن زوجها، ففيه طريقان:

أحدهما: طرد القولين، وهذا ما ذكره في الكتاب.

وأقواهما: القطع بالمنع؛ لأن تحريمهن لا يتأبد، فأشبه وطء الحائض والمُحْرِمة، وفي معنى هؤلاء الجاريةُ المجوسيةُ والوثَنِيَّة، وما إذا أسلَمَتْ جارية ذميٍّ، فوطئها قبل أن تباع عليه، وإذا قلْنا: لا يجب الحد يثبت النسب وحرمة المصاهرة، وإذا قلْنا: يجب، فلا يثبتان، وقيل: يثبت النصب، وتصير الجاريةُ مستَولدَةً بلا خلاف، فيدخل في هذا القسْم وطء الأب جاريةَ الابْنِ لشبهة حقِّه في مال الابن، ويجوز أن يُعدَّ منه وطء الحائض والمُحْرِمة و [مَنْ] في معناهما.

والقسم الثاني: الشبهة في الفاعِل؛ وذلك بأن يجدَ امرأةً على فراشه فيطأَهَا على ظنِّ أنها زوجتُه أو أمتُهُ، فلا حدَّ عليه، وإذا ادعَى أنه ظنَّ ذلك، فعن النص أنه يَحْلِف ويُدْرِأ عنه الحدُّ، وقال أبو حنيفة: يجب الحدُّ، ولا أثر لهذا الظن، إلا إذا زُفَّت إليه امرأةٌ، وقيل [له:] (٣) إنها التي نكَحْتَها، وكانت غير [التي نكحها] (٤) لنا: القِياسُ على ليلةِ الزِّفافِ، وعلى ما إذا ضرب شراباً على ظن أنه ليس بخمرٍ، [فإذا هو خمر] (٥)، ولو ظن الموطوءة الجاريةَ المشتركةَ بيْنه وبين غيره، فكانَتْ غيرها، وفرَّعنا على أنه لا يجبُ


= عمر، قلت: ورواه أبو محمَّد بن حزم في كتاب الإيصال من حديث عمر موقوفاً عليه بإسناد صحيح، وفي ابن أبي شيبة من طريق إبراهيم النخعي عن عمر: لان أخطئ في الحدود بالشبهات، أحب إليّ من أن أقيمها بالشبهات، وفي مسند أبي خيفة للحارثي من طريق مقسم عن ابن عباس بلفظ الأصل مرفوعاً.
(١) في ز: الشهادات.
(٢) في ز: المبيع.
(٣) سقط في ز.
(٤) سقط في ز.
(٥) في ز: فكان خمراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>