للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحدُّ بوطء الجارية المشتركة، قال الإِمام: فيه تردد، ويظهر أن يقال: لا حد؛ لأنه ظن ما لو تحقَّقه لانْدَفَعَ الحدُّ، ويجوز أن يقال: يجب؛ لأنه علم [التحريم] وظن أنه اقترن به ما يدفع الحدَّ، فلم يكن [فكان] من حقَّه، إذا علم التحريم، أن يمتنع.

القسم الثالث: الشبهة في الطريق والجهة، قال الأئمة: كلُّ جهة صحَّحها بعضُ العلماء، وحكم بحل الوطء بها، فالظاهر أنه لا حدَّ على الواطئ بتلك الجهة، وإن كان لا يعتقد الحلَّ، وذلك كالوطء في النكاح بلا وليِّ؛ كمذهب أبي حنيفة، وبلا شهود؛ كمذهب مالك، وفي نكاح المتعة، وقد سبق الكلام في هذه الصور.

واعلم أنَّا ذكَرْنا في "كتاب الرَّهْن" أن (١) ظاهر المَذْهَب وجوبُ الحدِّ على المرتهن إذا وطئ الجارية المرهونةَ بإذْنِ الرَّاهِن، وهو يعتقد التحريم، وقد حُكِيَ عن عطاء بن أبي رباح، أنه يباح وطء الجارية بإذْن مالِكِها، وقياس ما نذكره الآن أن يكون الظاهِرُ في تلك الصورة ألاّ يجب الحدُّ أيضاً؛ وأن يجعل مذهب شبهة دارئة، وكأنهم لم يصحِّحوا النقل عنه، ولم يتحقَّق عندهم أنه مذْهَبه، وإن قيل إن [ذلك مذهبه لكن] (٢) الإجماع انعقد [بعده] (٣) على التحريم، والإجماعُ اللاحقُ يرفع أثر الخلافِ السابقِ، فهذا قد يُذْكر مثلُه في نكاح المتعة، فيلزم أن يرجَّح فيه وجوبُ الحدِّ أيضاً [والله أعلم].

وقوله في الكتاب "فلا حد على الجديد في جميع ذلك" وصف الخلاف بالجديد والقديم تعرَّض له الإِمام وتابعه صاحب الكتاب، وسكت أكثرهم عنه، وأرسلُوا ذكر القولَيْن، بل في "الشامل" أن قول وجوب الحدِّ منصوصٌ عليه في "الإملاء" ونسبهما معاً ناسِبُون إلى "الإملاء" [والإملاء] (٤) محسوبٌ من الكتب الجديدة، ثم يجوز أن يُعْلَم قولُه "على الجديد" بالواو؛ لما حكينا من القطع بالمَنْع في بعْض الصُّورَ المذكورة.

قال الغَزَالِيُّ: وَلَوْ نَكَحَ أُمَّهُ وَوَطِئَهَا حُدَّ كَمَا لَو اسْتَأْجَرَ للزِّنَا أَوْ إِبَاحَةِ الوَطْءِ، وَلَوْ زَنَتْ خَرْسَاءُ بِنَاطِقٍ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ مَكَنَّتِ العَاقِلَةُ مَجْنُوناً أَوْ أَنكَرَ أحَدُ الوَاطِئَيْنِ أَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ يَسْتَحِقْ عَلَيْهَا القِصَاصَ أَوْ فِي دَارِ الحَرْبِ وَجَبَ الحَدُّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَمَّا فَرَغَ من الكلام في الشُّبهة الدارئة، ذَكَرَ الصورَ التي عَدَّها بعضُهم من الشبه المؤَثِّرة، وليست كذلك، فمنها: لو نَكَحَ أُمَّهُ أو مَحْرَماً غيرها؛ [إمَّا] (٥) بنسب أو رضاع أو مصاهرة، ووطئِهَا، يجب عليه الحدُّ، وعند أبي حنيفة، لا يجب، وتفسير صورة العقْد شبهةً.


(١) في ز: لو.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: هذه.
(٤) سقط في ز.
(٥) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>