للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم، والمكاتَبُ كالحرِّ، لخروجه عن قبضة السيد، وعن ابن القطَّان تخريج وجه: أنه كالقِنِّ؛ لأن المكاتب عبْد ما بقي عليه درهمٌ، ومَنْ بعضُه حرٌّ، لا يقيم [الحد عليه] إلا الإمامُ؛ لأنه لا ولاية للسيد على [الجزء] (١) منُه، والحدُّ متعلِّق بجملته، قال في "النهاية": ورأيت في النسخة عن الصيدلانيِّ إلحاقَهُ بالمدَبَّر، وأم الولد، وهو خطأ صريحٌ وأحْسَبُه من خلل النسخة، ثم ما سبيل إقامة السيدِ الحَدَّ على مملوكه؟ فيه وجهان للأصحاب، فيُخرَّج عليهما أكثرُ صُوَرِ الفَصْل:

أحدهما: أنهُ يُقيمُه بالولاية على المِلْك، كما يلي أمر تزويج المملوك.

والثاني: يُقيمُه تأديباً واستصلاحاً للمِلْك، كما يعالج بالقصد والحِجَامة، وفي الفصْل بعد هذا مسائل:

إحداها، فيما يقيمه السيد على المَمْلُوك من العقوبات؛ أما التعزير، فله ذلك في حقوق الله تعالى، كما يؤدِّب المملوك، لَحَقِّ نفسه، وفيه وجهٌ؛ لأن التعزير غير مضبوط، فيفتقر إلى نَظَرٍ واجتهادٍ، وأما الحدود، فله الجلْدُ في الزنا، وألحق به الجلْد في الشرب، وفي حدِّ القذْف، ورَوَى أبو خَلَف الطبريُّ عن رواية القفَّال وجهاً، أنه لا يقيم الجلْدَ في الشرب، وفَرَّقَ بينه وبين الزنا؛ بأن للسيد في بُضعِ الأمة حقاً، وكذلك في بُضْع العَبْدِ؛ ألا ترى أنه لا ينكح إلا بإذْن السيدِ، فيمكن من جَلْد المملوك؛ لجنايته على محلِّ حقه، والشربُ بخلافه، وقياس هذا الفرْقِ مجيْءُ الوجهِ المذكور في جلْد القذف. وفي قطْع السرقة والمحاربة وجهان:

أحدهما، ويُحكَى عن ابن سريج: أنه لا يتمكَّن منه؛ لأن ما يقطع به السارق مختلفٌ فيه، فيحتاج إلى نَظَر واجتهادٍ، وفَرَق بينه وبيْن الجلْد بأنَّه يملك جنس الجَلْد في التعزير بخلاف القطْع، وبأن له في إقامة الحد غَرَضاً، وهو أن يَخْفَى الحال، فلا ينتقص قيمته، والقطْعُ يظهر لا محالة.

وأصحُّهما، وهو ينسب إلى نصِّه في البويطي، يتمكن لإطلاق الخبر، ورُوِيَ أن ابن عُمَر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قَطَع عبْداً لَهُ سَرَقَ، وأنَّ عائشةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَطَعَتْ أمَةً لَهَا سَرَقَتْ، والوجهانِ جاريانِ في القَتْل بالرِّدَّةِ واستدلَّ لجوازه، بأن حفصة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُا- قتَلَت أمَةً لها سَحَرَتْهَا، وإنما يقتل الساحر [بكفْره]، وبنى بعضهم الخلافَ على أن إقامة الحدِّ بالولاية على الملْك أو بطريق الاستصلاح، وقال: إن قلنا: إنه يقيم الحدَّ استصلاحاً، لم يكن له القطْع بالقتْل؛ لأن فيهما استهلاكَ المَحَلِّ دون الاستصلاح، وفَرَقَ بعضُهم بين القطْع؛ لأنه قد ينتفع بالأقطْع ويرى القطْع استصلاحاً،


(١) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>