للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبين القتْل؛ فإنه استهلاك محضٌ وهذا يشير إلى طريقةٌ قاطعةٌ بأنه [يَتمكَّن] (١) من القطْع، وقد صرَّح بنقلها القاضي الرويانيُّ وأجرى جماعةٌ منهم ابن الصباغ الخلاف المذكور في [القطْع والقتْل] هاهنا في القتْل والقطْع قصاصاً، وفي "التهذيب" أن الصحيح أن القطْع والقتْل إلى الإِمام، وقَدْ يخرج من هذا خلاف في حَدِّ القَذْف.

المسألة الثانية، في أحوال السيد، فإن كان مستجمعاً لصفات الولاية، أقام الحدَّ، وفي المرأة وجهان:

أصحهما: لها إقامة الحدِّ؛ بناءً على أن سبيلها سبيلُ الاستصلاح، ويدل عليه إطلاقُ الخَبَر، وأيضاً ما روينا عن عائشة وحفصة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- ورَوي عَنْ فَاطمةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-[أنَّها] (٢) جَلَدَتْ أمةً لَهَا زَنَتْ.

والثاني: المنع، وبه قال ابن أبي هريرة؛ لأن إقامة الحد، ولايةٌ على الغَيْر فلا يثبت للمرأة: كولاية التزويج، وعلى هذا فوجهان:

احدهما: يقيمه وليُّها، كما يزوِّج معتقها.

وأظهرهما: أنه يقيمه الإِمام؛ لأنه الأصل في إقامة الحدِّ، فإذا لم يكن المالكُ أهلاً، عاد الأمر إليه، والوجهان في المرأة يجريان في الفاسِقِ والكافِر والمكاتب في وجْه، لا يقيمون الحدَّ نظراً إلى معنى الولاية، ويُحْكَى ذلك عن أبي إسحاق، والأظهر: أنهم [يقيمون الحد] (٣)، ويقال: إنه منصوص عليه في القديم في حق الفاسق، ورجَّح صاحب "التهذيب" في المكاتَبِ المنْع، وفي كتاب القاضي ابن كج: أن السيد لا يقيم الحد على عبيد مُكاتَبِهِ على المذهب، وإن قلنا: إنه يقيم الحد عليهم؛ لأنه لا يَملِكُ إعتاقهم، والتَّصرف فيهم، وفيه أنه ليس للكافر إقامة الحدِّ على عبده المُسْلِم بحال، ورقيق المجنون والصبي ذُكر فيه طريقان:

أحدهما: أن أباه وجَدَّه يقيمان الحدَّ عليه، وفي الوصيِّ والقيِّم وجهان.

والثاني: [أن] في الكلِّ وجهين، وربما يبنى (٤) على الخلاف في أن وليَّ الطفْل، هل يزوِّج رقيقه؟ ويشبه أن يقال: إن جعلْنا الحد استصلاحاً، فلهم إقامته، وإن قلْنا: يقام بطريق الولاية، ففيه الخلاف، وفي "البيان" وغيره ذكر وجهين في أنَّه هل يجوز أن يكون السيد جاهلاً، بناءً على أنه استصلاحٌ أو ولايةٌ؟ وخرج على معنى الولاية أن الجَهْل يَمْنَع منها كولاية الحاكم، ولا بدَّ وأن يكون عالماً بمقدار الحد وكيفيته.


(١) في ز: ممكن.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.
(٤) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>