للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مهتوك، ولأنه أخرج النصابَ بفعلَيْن، فأشبه ما إذا أخرج بَعْضَه واحدٌ وبعضه آخر.

والثالث: وهو قول ابن خيران، إن عاد، وسرق الباقي بعْدما اشتهر هَتْكُ الحِرْز، وعلم الناس أو المالكُ، لم يُقْطَع، وإن عاد قبل الاشتهار، قُطِع، قال صاحب "التهذيب": ولا فرق بين أن يعود لأخْذ الباقي في تلْك الليلة أو في ليلة أخرَى، وفيه وجه أنه إن عاد في ليلة أخرى، لم يجب القطع قولاً واحداً، ورأى الإمامُ وصاحب الكتاب القَطْعَ بعدَم وجوب القطع، إذا اطَّلَع المالك على انهتاك الحِرْز وأهمله؛ لأنه مضيِّع، وحَكَيَا وجْه التفصيل على نَسَقٍ آخرَ، وهو أنه إن طال الفْصل بين الإخراجَيْن، فهما سرقتان، ولا قطْع في واحدة منْهما، وإن لم يَطُل، وجب، وعن الشيخ أبي محمَّد: أنه لو ذهب بالمسروق إلى بيته، وأسرع الكَرَّة (١)، فهو كطُول الفصْل، وإن قَرُب الزمان، ولو كان يُخْرِج النصاب شيئاً فشيئاً، ويضعه خارج البيت أو خارج البَابِ، حتى تَمَّ النصابُ، ولم يفارِقِ الحرْزَ، قُطِع.

ويتعلَّق بالإخراج بدفعتين فصاعداً.

فرعان: أحدهما: انثيال البُرِّ، وسائر الحبوب عنْد نَقْب الكَنْدُوجِ أو فَتْح بابٍ مِنْ أَسْفَلِهِ، هل هو كإخراجه باليد؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا، ويُنْسب إلى رواية أبي إسحاق؛ لأنه خرج بتسبُّب لا بمباشرة الإخراج، والتسبب ضعيفٌ لا ينبغي أن يتعلَّق به القطْع.

وأصحُّهما: أنه كالإخراج باليد لأنَّه بما فَعَل هتك الحِرْز وفَوَّت المال، وعلى هذا فلو أخرج بِيَدِهِ أو انثال دفعةً واحدةً، ما يساوي النصاب، وجب القطع، وإن أخرجه شيئاً فشيئاً على التواصل أو انثال كذلك، بَنَى الحكم على ما لَوْ أخرج النصاب في دفعتين (٢) فصاعداً، هل يجب القطع؟ إن أوجبنا القطع، فهاهنا أولَى، وإلا، فهاهنا وجهان:

أحدهما: أن الجواب كذلك؛ لأنه ما أخرَج النصاب بإخراجةٍ واحدةٍ.

وأصحُّهما: الوجوب، لأنه يُعدُّ فعلاً واحداً بخلاف الإخراجَيْن المنفصلين، وقد لا يتأتَّى إخراجه إلاَّ كذلك، ولو أخذ طرف المنديل، وأخرجه من الحِرْز جَرّاً أو طرف الجذع، وأخرجه كذلك، وجب القطع؛ فإنه شيءٌ واحدٌ، ولو أخرج نصفه وتَرَك النْصف الآخر في الحِرْز؛ لخوف وغيره، لم يجب القطع، وإن كان المُخْرَج قَدْر نصاب وأكثر؛ لأنه مالٌ واحدٌ، ولم يتمَّ إخراجه، وكذلك نقول: لو كان طرف عمامة المُصلِّي


(١) في ز: الكثرة.
(٢) في ز: دفعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>