للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ميل كلام جماعة منْهم صاحب "التهذيب" وذكر في "البيان" أنه المذهب.

والثاني: المَنع، ويُحكَى ذلك عن الإصطخري وأبوَيْ علي بْن أبي هريرة، والطبريِّ، ووُجِّه بأن المذكور في الخَبَر لفْظُ الدينار، وهذا الاسم يقع على المضْرُوب، وهذا أظهر عند الأمام وغيره، وهو الذي أورده أبو الحَسَن العبَّادِيُّ، ويؤيده أنَّا نقوِّم بالمضروب دون غير المضْرُوب، واْن غير المضروب مقوَّم؛ كالسِّلَع، ولو سرق خاتماً وزنُه دون الربع، وقيمتُه تبْلُغ بالصنعة ربُعاً، ففي القطع وجهان، إن اعتبرنا القيمة، وجب القطع، وإن اعتبرنا العين، فلا، وأراد بلَفْظ "الإبريز" في الكتاب الخالِصَ دون الثبر الَّذي إذا خلُص، نَقَص، فلا قطْع في سرقة الربْع منه بلا خلاف.

الثانية: لو سرق فُلوساً ظنَّها دنانير، قُطِع، إن بلغت قيمة الفلوس نِصاباً، وإلا، لم يُقْطَع، ولو سرق دنانير ظَنَّها فلوساً، لا تبلغ قيمتها نصاباً، قُطِعَ وفي "جمع الجوامع" [للقاضي الروياني] (١) أن أبا حنيفة يوافِقُ فيه، ومنْهم مَنْ يُشْعِر نقلُه بأنه يخالِف فيه، ولو سرق ثوباً خسيساً؛ كجبة رثَّة، وكان في جيبها دينارٌ أو ما يَبْلُغ به قيمتها نصاباً، ولم يَشْعُر بالحال، فوجهان:

أحدهما، وبه قال أبو حنيفة: لا يجب [القطع] (٢) لأنه لم يَقْصِد سرقة نصاب، ويخالف ما إذا سرق دنانير ظنَّها فلوساً، فإنه قصد سرقة عينْها.

وأظهرهما: الوجوب؛ لأنه أخرج نصاباً مِن حِرْزِهِ عَلَى قصد السرقة، والجهل بجنس المسروق وقَدْرِهِ لا يؤثِّر، كالجهل بصفته.

الثالثة: إذا أخرج النصَابَ من الحِرْز بدفعتين، فصاعداً نُظِر؛ إن تخلَّل اطِّلاع المالك وإعادة الحِرْز بإصلاح النَّقْب أو إغلاق الباب، فالإخراج الثاني سرقة أخرَى، فإذا كان المُخْرِج في كلِّ دفعة دون النصاب، لم يجب القطْع، وإن لم يتخلَّل الإطلاع والإعادة، فقد أطلق العراقيون وتابعهم صاحب"التهذيب" والرويانيُّ وغيرهما [وفيه] (٣) ثلاثة أوجهٍ:

أظهرهما، وبه قال ابن سُرَيْج والقاضي أبو حامد: أنه يجب القطع؛ لأنه أخرج نصاباً كاملاً من حرز هَتَكَه، فأشبه ما إذا أخرج دفعةً واحدةً، وما إذا طَرَّ جَيْبَ إنسان، وأخذ منه درهماً فدرهماً.

والثاني: لا يجب، وهو قول أبي إسحاق؛ لأنه أخذ [بقية] (٤) النصاب من حرز


(١) سقط في ز.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.
(٤) في ز: قيمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>