للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند أبي حنيفة: النصابُ عشرةُ دراهمَ، ويقوَّم الذهب وغيره بالدراهِم.

وعند مالك رُبُع دينارٍ أو ثلاثة دراهم، فهما أصلان، وما سواهما يُقوَّم بالدراهم، وفي تعليق الشيخ أبي حامد: أن مذْهَب أحمد كمذْهَبنا، وجعل أبو نصْرِ بْنُ الصبَّاغ [أن] (١) مذهبه كمذهب مالِكٍ، وحَكَى أن ابن بنت الشافعيِّ -رَضِيَ اللهُ [عنهُمَا]- اختار مذْهَب داوُدَ، وهو أنه لا يعتبر النصاب، ويجب القَطْع بسرقة القليل والكثير، فيمكن أن يُعْلَم؛ لهذا قوله في الكتاب "أن يكون نصاباً" بالواو، وهذا قوله "الشرط الأول النصاب" إذا عرف ذلك، ففي الفصْل مسائلُ:

إحداها: إنْ كان المسروقُ ربعاً من الذهب المَضْرُوب، فذاك، ولا فرق بين الصحيح والقراضة [منه (٢)،] وبالمضروب يقَع التقْويم، إذا كان المسروقُ غيره، حتى لا يوجب القطْع، إن كان المسروقُ يبلغُ ربعاً من الذهب غير مضروب، ولا يبلغ ربعاً مضروباً، ولو سرق ربعاً من الذهب الخالِصِ، كالسبيكة والحُلِيِّ، وهو لا يبلغ ربعاً مضروباً بالقيمة، ففي وجوب القطع وجهان:

أحدهما: يجب؛ لبلوغ العيْن قَدْرَ النصاب، كما في نصاب الزكاة، وإلى ترجيحه


= قال: وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أن القطع لا يجب إلا في عشرة دراهم روي ذلك عن ابن مسعود.
قال: ولست أعرف من جعل النصاب أكثر مما اعتبره أبو حنيفة رحمه الله قال: إلا أن أصحابنا يروون عن النخعي أنه لا يوجب القطع إلا في أربعين درهماً، وروي عن ابن الزبير أنه قال في نصف درهم ولست أعرفه.
وقد استدل داود بما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لعن الله السارق إن سرق بيضة قطعت يده كان سرق جملاً قطعت يده".
والجواب عن هذا أن علياً رضي الله عنه إنما ذكره على وجه المثل والتحذير لا على وجه التحقيق بدليل ما روي عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من بني مسجداً ولو كمفحص قطاة بني الله له بيتاً في الجنة". فأخرجه مخرج المبالغة في الترغيب أن مسجداً مثل مفحص قطاة لا يكون كذلك، وإن حملناه على بيضة حقيقة حملناه على بيضة النعام، والبيضة التي هي المغفر التي توضع على الرأس في الحرب من حديد فسقط هذا.
والجواب عما استدل به أبو حنيفة رحمه الله من أنه لا قطع إلا في عشرة دراهم. قلنا: يرده قول الصحابة المتقدم ذكره من أنه لا قطع إلا في ربع دينار.
وبدليل ما روته عائشة رضي الله عنها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قطع في مجَنِّ قيمته ثلاثة دراهم. وهذان الحديثان متفقان لأن الدينار كان حينئذ اثني عشر درهماً.
قالوا: قد خالفهم ابن مسعود لأنه روي عنه أنه قال: لا قطع إلا في عشرة دراهم.
قال: قلنا: هذا ليس بثابت عنه، ولو ثبت عنه كان قول الأكثر أولى.
(١) سقط في ز.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>