النصَّ، فلو سرق اثنان وادعَيَا أن المسروق ملْكُهما، لم يُقْطَعا، وإن ادعاه أحدُهما لنفسه أو لَهُمَا، وأنكره الآخر، واعترف بالسرقة، فلا قطْع على المدَّعِي، وفي المنكر وجهان:
أحدهما: وبه قال ابن القاصِّ: أن عليه القطْع؛ لأنه مقرٌّ بأنه سرق نصاباً بلا شبهة، وهذا أظهر عند الإِمام، وصاحب الكتاب، وبه أجاب صاحب "الشامل".
والثاني: ويُنْسَب إلى القفَّال: أنه لا يجب؛ لأنه قد ادَّعَى ما لَو صَدَق فيه، لسَقَطَ القطْع [فصار] كما لو قال المسروقُ منه: إنه (١)[ملكه،] يَسْقُط القطْع، وإن كان مقرّاً بأنه سرَق، بلا شبهة، ولو قال أحدهما: هذا ملْك شريكي، وأخذتُ معه بإذنه، وأنكر الشريك، فالذي نَقلُوه أنه كالصورة [المتقدمة] لا قَطْعَ عَلَى من يدعي ملك الشريك، وفي المِنْكرِ وجهان، وقَرُب الوجهان من الوجهينِ فيما إذا شَهِدَ اثنان بالقِصاص على إنْسانٍ، فاقتص منه ثم رَجَعَا، [فقال] أحدهما: أخطأْنا، وقال الثاني: تعمَّدنا، لا قصاص على الأول، وفي الثاني وجهان، قال في "التهذيب" والأولَى أن يقال: يجب القطْع على المنْكِر؛ لأنه يدعي شبهةً وفي المدَّعِي وجهان:
أحدهما: لا قطْع عليهِ؛ لأن ما يدعيه لو ثَبَت، لم يجب القطْع.
والثاني: يجبُ؛ لأنه لا يدعي لنفْسه ملكًا إنما يدعيه للشريك، وهو منْكِرٌ، ونظيره من شهود القصاص أن يقول:
أحدهما: تعمدنا جميعاً، ويقول الثاني: تعمَّدتُ أنا، وأخطأَ صاحِبي، يجب القصاص علَى من يقول: تعمَّدنا جميعاً، وفي الآخر وجهان، ويجوز أن يُعْلَم؛ لهذا قوله في الكتاب "لم يُقْطَع المُدَّعِي" بالواو.
وقوله "ولو أنكر شريكه" فيه ما تبيَّن، أما قوله "ولو قال: السارق هُوَ ملْكُ شَرِيكِي في السَّرِقَةِ، فلا قَطْعَ" المقصود منه ما إذا صدقه الشريكُ، ويجوز أن يُعْلم قوله "فلا قطع" بالواو؛ لأن المذكور جوابٌ على النصِّ، ويجيء فيه الوجه أو القْولُ المخرَّج.
ولو سرق عْبدٌ وادَّعَى أن المسروق ملْكُ سيده، فإن صدَّقه السيِّد، سقط القطْع تفريعاً على النص، وإنْ كذَّبه فوجهان:
أحدهما: لا يسقط؛ لأنه يدَّعي الملك لسَّيده، وهو منْكِرٌ، كما ذكرنا في الشريك.
والثاني: يَسْقِط كالحرِّ يدعي المِلْك لنفسه، وهذا ما أورده في الكتاب مع حكاية