نصيب الشريك؟ الحكايةُ عن أكثرهم: أنه إن كان المالُ بينهما بالسوية، فإذا سرق نصف دينارٍ فصاعداً، فقد سرق من الشريك نصاباً، هان كان ثلثاه للسارق، فإذا سرق ثلاثةَ أرباع دينارٍ فصاعداً، فقد سرق منه نصاباً [وقيل]: إنما يجعل سارق النصاب من الشريك، إذا زاد المأخُوذُ على قَدْر حقه [بنصاب]، فلو كان بينهما على المناصَفَة، فسَرَق نصْفَ المال وزيادةَ رُبْعِ دينار، أو كان ثلثاه للسارقِ، فسرق [ثُلُثَيْه] وزيادةَ ربْعٍ، فقد سرق [منه] نصَاباً، وإن اقتصر على أخْذ حصته، فلا قطْع؛ لإمكان أن يقع جميع المأخوذ في نصيبه عنْد القسمة، هكذا أطلق صاحب "التهذيب" نقله عن القفَّال، ومنْهم مَنْ فصَّل، وقال: إن كان المال المشتَرَكُ مما يَجْرِي فيه الإجبار على القسمة؛ كالحبوب في سائر الأموال المثلية، فإنما يجب القطع، إذا زاد المأخوذُ على قدْر حصَّته بنِصَابٍ، فإن لم يزدْ، فلا قطْع، وحُمِلَ أخذه على أنه استقل بالقسْمة، وهذه القسمة، وإن كانت فاسدةٌ، فإنها تصير شبهة دارئةً، وإن كان ممَّا لا يجْري فيه الإجبارُ؛ كالثياب، فإذا سرق نصْفَ دينار ممَّا يشتركان فيه على السوية أو ثلاثة أرباع مما ثلثاه للسارقِ، وجَب القطع؛ لأنه لا يجري فيه الإجْبار، والأخذ بغير إذن الشريك، وهذا ما أورده في الكتاب.
الثانية: هل يُقْطَع من سرق [من] مال بَيْت المال، يُنْظر، إن سرق مما أُفْرِزَ لطائفة مخصوصين، ولم يكن السارق منْهم، فَنَعَمْ، وذلك كالمُفْرَز لذوي القربَى واليتامَى، قال الإِمام: وكذا الفَيْء المعدُّ للمرتزقة، تفريعاً على أنه ملكهم، هان سرق، من غيره فقد ذُكِر فيه وجوه:
أحدها: أنه لا يجب القطْع بحال، سواءٌ سرق من مال الصدقات أو من مال المصالح؛ لأنه مُعَدٌّ مُرْصَدٌ لحاجات الناس، ولا فرق بين أن يكون السارقُ غنيّاً في الحال أو فقيراً، فإن الغني قد يفتقر، فأشْبَه ما إذا سرق الأبُ الموسر من مال الابْنِ، لا يُقْطَع، وإطلاق العراقيين يوافِقُ هذا الوجه، واحتج له بما رُوِيَ أن رجلاً سرق منْ بيْتِ المالِ، فكتب بعْضُ عمَّالِ عُمَر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- إلَيْهِ بِذَلِكَ، فقال:"لاَ قَطْعَ عَلَيْهِ، مَا مِنْ أَحَدٍ إلاَّ ولَهُ فِيهِ حَقٌّ".
وثانيها، نقله القاضي الرويانيُّ عن رواية القَّفال، أنه يجب، كما في سائر الأموال.
وأصحُّها: أنه يُفَصَّل؛ إن كان السارقُ صاحبَ حق في المسروق منه، فلا قطْع، [كما] إذا سرق الفقير من مال الصدقات أو من مال المصالِح، وإن لم يكن صاحبَ حقٍّ كالغنيِّ، فإن سرق من مال الصدقات، قُطِع بخلاف الأب، إذا سرقَ من مال الابْن، وهو موسرٌ، وَفُرِقَ بينهما بأن سقوط القطْع هناك، إنما كان للبعضية والإيجاد، وإن سرق من مال المصالح، فوجهان: