للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنْعَ المطَلَق، وهو قضية ما أورده [القاضي] (١) ابن كج، والوجوبَ المُطْلَقَ؛ كالأبواب، والفَرْقُ بين ما يقصد به الاستضاءة أو يُقْصَد للزينة، وكل هذا في المُسْلِم أما الذمِّيُّ، لو سرق الباب أو الحُصُر أو غيرهما، فيُقْطَع بلا خلاف، وذكر الفورانيُّ في سرقة بكرة البئر المسبلة: أنه يَجب القطْع، وكذلك حكاه صاحب "التهذيب" وقال: الوجه عندي أن تكون كحُصُر المسجد؛ لأنها لمنفعة الناس، وعند أبي حنيفة: لا قطع في شيء من ذلك.

الرابعة: في سرقة المال الموقوفِ وجهان:

أحدهما: لا قطْعِ، أما إذا قلْنا: إن الملْك فيه لله تعالى وحْده، فلأنه منفكٌّ عن ملك الآدميين، كالمباحات، وأما على غير هذا القول؛ فلأن المِلْك فيه ضعيفٌ.

وأصحُّهما: أنه يجب، كما في أستار الكعبة؛ لأنه مال محرَّزٌ، والوجهان جاريان فيما إذا سَرَقَ مستولدةً، وهي نائمةٌ أو مجنونةٌ، والأصحُّ وجوب القطْع؛ لأنها مملوكة مضمونةٌ بالقيمة كالعَبْد القِنِّ، ويخالف المكاتَب؛ لأنه في يد نَفْسه، وكذا مَنْ بَعْضُه حرٌّ وبَعْضُه رقيقٌ، ولو سرق من غلة الدار الموقوفة أو ثمرة الشجرة الموقوفةِ، وجب القطع بلا خلاف، [فإذا] كان للسارقِ استحقاقٌ فيما سَرق، كما لو وقَف على جماعة، فسرق [بعْضهم أو] (٢) أحَدَهم، أو شبهة استحقاق، كما لو سرق أبو بعض الموقوف عليهم أو ابنه أو وَقَف على الفُقَراء، فسرق فقير، فلا قَطْع بلا خلاف.

وأما لفظ الكتاب فقوله: "أن يكون [المِلْك] (٣) تامّاً" قصد [بقيد] (٤) "التمام" على ما بيَّنه في "الوسيط" الاحتراز عَن شيئين:

أحدهما: أن يكون للسارق فيه شركة، ذلك أن تقول: في الشرط الثاني، وهو أن يكون المال مملوكاً لغير السارق، غنيةٌ بن هذا التقييد؛ لخروج المشترك عنه؛ فإنه لا يُصدَّق أن يقال في المشترك: إنه مملوكٌ لغَيْر السارق، فلو ذكر مسألة المالِ المشتركِ هناك كان أحسن.

والثاني: أن يكون للسارق فيه حقٌّ، كَمَالِ بيت المال، وما في معناه من الصور، ولك أن تقولي: في الشرط الخامس، وهو كون المال خارجاً عن شبهة استحقاق السارقِ، غنيةٌ عن هذا التحرُّز، وكان الأحسنُ أن تُؤَخَّر هذه الصورةُ إلَيْه.

وأما قيد "القوة" فإنه احترز به عن الموقوف والمستولَدَة، وقد عرفْت أن الظاهر


(١) سقط في ز.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.
(٤) في أ: لقصد.

<<  <  ج: ص:  >  >>