للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من يستحقُّ النفقة" بالميم، ويجب القطع، بسرقة مال الأخ والعمِّ وسائر المحارم خلافاً لأبي حنيفة، وهو قياس مذهبه في النفقة، وإذا سرَق أحدُ الزوجينِ [من] مال الآخرِ، فإن كان في مسكَنِها [و] (١) لم يكن محرَّزاً عن الآخر، فلا قَطْع، وإن كان محرَّزاً عنه، فالذي نقل المزنيُّ: أنه لا قَطْع أيضاً، وعن نصِّه في اختلاف أبي حنيفة والأوزاعيِّ، وقد يقال له سير الأوزاعي أنه يجب (٢) القطع، وعن رواية الحارث (٣) بن سُرَيْج: أنه يُقْطَع الزوج بسرقة مال الزَوجة، ولا تُقْطَع هي بسرقة ماله، وفي هذه النصوص طرُقٌ.

أحدها: أن في المسألة قَولَيْن.

أحدهُما: لا يجب القطْع على واحدٍ منهما بسرقة مال الآخر، وبه قال أبو حنيفة: لأنهما يتحدان عرفاً، وينبسط كلُّ واحد منهما في مال الآخر، فأشبها الوالد والولد، وأيضاً فإن لكل واحد منهما شبهةً في مال الآخر، أما الزوجة، فإنها تستحق النفقة، وأما الزوج، فإنه يَمْلِك الحجر على الزَّوْجة ومنْعَها من التصرُّف في مالها على قول بعْض الفُقهاء.

وأصحُّهما: أنه يجب، وبه قال مالك وأحمد، واختاره المزنيُّ، لعموم آية السرقة، وأخبارها، وأيضاً فالزوجية عقْدُ تَمْلِك به المنفعة [فلا] يؤثِّر في إسقاط الحد، كالإجارة، ولا يسقط بها الحدُّ عن الأجير، إذا سَرَق من المستأجر، وكذا بالعكس.

والثاني: أن فيها ثلاثة أقْوال: هذان، والثالث: الفرْق، فلا تقطع الزوجة بسرقة مال الزوج، ويقطَعُ الزوْج بسرقة مالها، وذلك لافتراقهما في استحقاق النَّفَقَة.

والثالث: القطْع بوجوب القْطع، وحمل نص المنْع على ما إذا لم يكُنْ، المال محرَّزاً عن السارق، حكى الطريقة الأولَى والثالثة الشيخ أبو حامد وجماعة، والثانية ذكَرها القاضيان أبو حامد والطبريُّ أبو الطيِّب، وهي التي أوردها الإِمام وصاحبُ "التهذيب" وصاحب الكتاب في "الوسيط" ويقرُب منها الذي ذكره هاهنا من الترتيب، فحَكَى أولاً الخلافَ في أن الزوجة، هل تُقْطع إن قلْنا: إنها تُقَطع، فالزوج أولَى، وإن قلْنا: لا تُقْطَع هي، ففي الزوج خلاف، ويجوز أن يُعْلَم لفظ "الخلاف" بالواو؛ لقطع


(١) في ز: أو.
(٢) لعموم الآية والأخبار، ولأن النكاح عقد على منفعة فلا يؤثر في درء الحد كالإجارة لا يسقط بها الحد عن الأجير أو المستأجر إذا سرق أحدهما الآخر ومحل الخلاف في الزوجة إذا لم تستحق على الزوج شيئاً حين السرقة إما إذا كانت تستحق النفقة والكسوة في تلك الحالة.
قال في المطلب: فالمتجه أنه لا قطع إذا أخذت بقصد الاستيفاء كما في حق رب الدين الحال إذا سرق نصاباً من المديون. (مغني المحتاج ٤/ ١٦٣).
(٣) في ز: الحرث.

<<  <  ج: ص:  >  >>