للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قطع بالمَنْع، وقوله "فيقطع الزوج" بالحاء ثم أطلق الأصحابُ أنَّ من لا يُقْطع بالسرقة من مال إنسان، لا يُقْطع عبده بالسرقة من ماله أيضاً، فكما لا يقطع الأبُ بسرقة مال الابن [وبالعكس]، لا يُقطَع عبدُ أحدِهِما، إذا سرق [من] مال الآخرِ، وإذا سرق عبْدُ أحَدِ الزوجَيْن من مال الآخرِ، فهو على الخلاف في سرقة أحدِهما من مال الآخر، وعن الصيدلانيِّ وجهٌ: أنه يُقطع العبد، وإن لم يُقطَع السيد؛ لأن للسيد [شبهة استحقاق] النفقة بخلاف العبد، وأيضاً؛ فلو لم يُقطَع عَبْدُ الوالدِ بسرقة مال الولد؛ لأن مال الولد كَمَالِ الوالد؛ لَما قُطِعَ ابن الولد، وهو الأخ بسرقة مالِ الوَلدِ؛ لأنه ماله كمالِ الوالدِ، وهذا ما رجَّحَّه الإِمام، والمشهورُ المنصوصُ: أنه لا يُقْطَع (١)؛ لأن يد العبد كيد السيد، فكأن السيد هو الذي أخذه، ويدل عليه ما رُوِيَ أن عمرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْه- أُتِيَ بعَبدٍ لِرَجُلٍ سَرَقَ مرْآةً لِزَوْجَةِ الرَّجُل قِيمَتُهَا سِتُّونَ دِرْهَماً، فَلَمْ يَقطَعْهُ، وَقَالَ: "خَادَمُكُمْ أَخَذَ مَتَاعَكُمْ"، وذكروا فيما إذا سرق مكاتَبُ أحدِ الزوجيْنِ من مال الآخر وجهَيْنِ، إذا قلْنا: لا يجب القطع على العبد، كما لو سرق المكاتَبُ؛ مال سيده، ففيه خلاف سيأتي.

وعن القاضي الحُسَيْن: أنا إذا لم نَقْطَع عَبْد أحدِ الزوجين بسرقة مال الآخر [وجب أَلاَّ نقطع ولد أحدهما بسرقة مال الآخر،] (٢) كان كان السارق ربيباً له، وغَلِط في ذلك؛ لأنَّا لو قلنا به لوجب ألا نقطع الأخ بسرقة مال الأخ، فإن ابن الأب أقربُ من ابن الزوْج أو الزوجة، وعن أبي الحُسَيْن بْن القطَّان فيما حكاه القاضي ابن كج: أنه، لو كان للرجُل امرأتانِ، فسَرَقت إحداهما من مال الأخرَى، فوجوب القطْع على الخلاف فيما إذا سَرَقَ أحد الزوجَيْن من مال [الآخر] (٣) وكذا إذا سرق الأبُ من مال زوجة الابْن أو الابنُ من مالِ زوجةِ الأبِ، قال: ويُحتمل أن يُقطَع بوجوب القطْع على [إحدى] (٤) المرأتين بسرقة مال الأخرَى؛ لأنه ليس بينهما اتحادٌ واختلاط، ولا لها في مالها شبهةٌ، وليس يد المرأة كيد الزوْجِ، بخلاف عبد الزوج أو الزوجةِ؛ فإن يده كَيَدِهما، وقوله "ولا شك [في] أن ولد الزوج" يعني أنه لا خلاف فيه، ولم يُعتدَّ بما حكاه الإِمام عن القاضي، كما فعله الإِمام، وما يناسب مسائلَ الفَصْل: أن العبد لا يُقْطَع بسرقة مال سيَّده؛ لشبهة استحقاق النفقة، بخلاف ما لو زَنَى بجاريتهِ والمستولدة والمدبَّرة، ومَنْ بعْضُه رقيقٌ في ذلك كالقِّن، وفي المكاتَبِ وجهان:

أحدهما: يُقطَع، لاستقلاله ملكًا وتصرفاً ويَداً.


(١) في ز: قطع.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: زوجة.
(٤) في أ: أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>