للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجْهَانِ، والمَلْحُوظُ بِعَيْنِ الضَّعِيفِ فِي الصَّحْرَاءِ لَيْسَ مُحَرَّزاً إِذَا كَانَ لاَ يُبَالِي بِهِ، وَالمَحْفُوظُ فِي قَلْعَةٍ مُحْكمَةٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَلْحُوظاً لَيْسَ بِمُحرَّزٍ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا نام في الصَّحْراء أو المسْجِد أو الشارعِ عَلَى ثوبه أو توسَّد عيبته أو متاعه أو اتَّكأ عليه، فجاء سارقٌ، وأخذَ الثوب من تحته أو العيبة التي توسَّدها، وجَب القطع؛ لأنه محرَّز به، ويدِلُّ عليهِ حديثُ صفوان، وسَرِقَة ردائه (١)، وكذا لو أخذ المِنْدِيل من رأسه أو المَدَاسَ من رِجْله أو الخَاتَمَ من أُصْبَعِهِ، ولو زال رأْسه عما توسَّده أو انقلب في النَّوْم عن الثوب، وخلاَّه، فلا قَطْعَ (٢) بسرقته؛ لأنه ما بقي محرَّزاً، وكذا لو رفع السارقُ النائمَ عن الثَّوْب أولاً، ثم أخذ (٣) الثوب، ولو وضع متاعه أو ثوْبه بقربه في الصحراء أو المسْجِد، فإن نام أو ولاَّه ظهْرَه، أو ذَهَل عنْه بشاغل، لم يكن محرَّزاً، وإن كان مستيقظاً يلاحظه، فتغفله السارقُ، وأخذ المال، قُطِع، وفي كتاب القاضي ابن كج وجْهٌ آخر أنه لا يُقْطَع؛ لأنه لا بد، وأن تَعْرِض له فتراتٌ، وليس هناك من يلاحظه غيره، والظاهر الأولُ، وهل يُشْترط ألاَّ يكونَ في الموْضِع ازدحام الطارقين؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا، ويكفي الملاحظة، ولكن لا بد بسبب الزحمة [من مزيد مراقبةٍ وتحفُّظٍ.

وأصحُّهُما: نعم ويخرج المال بسبب الزحمة] (٤) عن أن يكون محرَّزاً؛ لأن الملاحظة لا تبقى على التثبُّت في أشخاص كثيرين، وأُجْرِيَ الوجهان في الخبَّاز والبَزَّاز وغيرهما، إذا كثر ازدحام النَّاسِ على باب حانُوتهم.

قال الإِمام: ولو فُرِضَ وضع المتاع في شارع، وكان ملحوظاً بملاحظةِ جَمْعٍ، فيصير عدد اللاَّحِظينَ في معارضة عَدَد الطَّارِقِين، [كلاحظ] (٥) في الصحراء في معارضة طارِق، ويُشْترط أن يكون الملاحظُ بحَيْث يقْدِر على المنْع، لو اطَّلع على أخْذ السارق،


(١) قال الأذرعي: الكلام في متاع يعد التوسد حرزاً له أما لو توسد كيساً فيه نقد أو جوهر ونام فلا أي فلا قطع. قاله الماوردي والروياني.
(٢) في ز: يقطع.
(٣) قال الأذرعي: فيه وقفة ويجوز أن يكون رفعه عن المتاع والفراش كفتح الباب والعضل ونحوهما ألا ترى إلى قول ابن القطان إذا سرق حملاً وعليه صاحبه نائم فإن ألقى صاحبه وهو نانم وأخذ العمل قطع وتصير بمنزلة رداء صفوان الذي توسده فجاء اللص فأخذه انتهى. وقال الشيخ البلقيني: أَتبع فيه الرافعيّ البغويّ وهذا عندنا شاذ مردود على البغوي، والذي يعتقده القطع بإيجاب قطعه لأنه أزال الحوز، ثم أخذ النصاب فصار كما لو نقب الحائط أو كسر الباب أو فتحه ثم أخذ النصاب فإنه يقطع اتفاقاً وكذلك هاهنا ولا وجه لما قاله البغوي في هذه الصورة.
(٤) سقط في ز.
(٥) في أ: كملاحظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>