للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إما بنفسه أو [بالاستغاثة] (١) والاستنجاد، وأما إذا كان ضعيفاً لا يبالي به السارقُ، وكان الموضع بعيداً عن الغَوْث، [فليس بحرز] فالشخص ضائع (٢) مع ماله وينبغي ألاَّ يفرق فيما ذكرنا في الصحراء بين أن تكون مواتاً أو ملكاً، وأما قوله "المحفوظ في قلعة محكمة، إذا لم يكن محلوظاً، ليس بمحرَّز" [فالمقصود] منه أن الركْن الأعظم في كوْن المال محرَّزاً الملاحظةُ، [فلا] يُغْنَي حصانةُ الموضع عن أصل الملاحظة حتى إن الدار [المنفردة] (٣) في طرف البلد أو في البَريَّة لا تكون حرزاً، وإن تناهت في الحصانة، وكذا القْلعة المحْكَمة [لأنه] (٤) إذا لم يكن الموضع مرقوباً، [سهل] (٥) الوصول إلى ما فيه بالنَّقْب [والتسلُّق] (٦) من غير خَطَر.

نعم، لا يحتاج عند حصانة الموضع إلى دوام الملاحظة بخلاف ما ذَكْرنا في الصحراء، وتمامُ الكلام فيما يُعْتَبَر في الدار وسائر الأبنية ليَحْصُل بها الإحْراز يأتي في الفصْل بَعْد هذا.

وَمَنْ أدخل يده في حبيب إنسانٍ أَو في كُمِّه [وأخذ] المال أو طَرَّ جيبه أو كُمَّه، وأخذ المال، قُطِع؛ لأنه محرَّز به، ولا فَرْق بين أن يربطه في الكُمِّ أو لا يربطه، ولا إذا رَبَط، بين أن يكون الرباط داخلاً أو خارجاً.

وعن أبي حنيفة: أنه لا قطْع على من طَرَّ الجيْبَ، وأخرج المال.

وإن أخذ من [رأس] منديل إنسان، وهو على رأسه قال في "التهذيب" إن كان قد شدَّه عليه قُطِعَ، وإلا فلا.

قال الغَزَالِيُّ: (الثَّالِثَةُ): الدَّارُ باللَّيْل مُحَرَّزٌ وَلَوْ نَامَ فِيهَا صَاحِبُها إنْ كَانَ البَابُ مُغْلَقاً، وَإِنْ كَانَ مَفْتُوحاً فَضَائِعٌ، وَبِالنَّهَارِ قَدْ يُعْتَمَدُ بِلِحَاظِ الجيرَانِ فَفِيهِ وَجْهَانِ، أَمَّا أَطْرَافَ الحَوَانِيتِ مُحرَزَةٌ بِأعْيُنِ الجِيرَانِ وَالمَارَّة وإِنْ غَابَ عَنْهَا صَاحِبُها أَوْ نَامَ، وَلَوْ تَغَفَّلَ السَّارِقُ صَاحِبَ الدَّارِ وَهُوَ مُتَيَقِّظٌ وَالبَابُ مَفْتُوحٌ وَهُوَ يَتَرَدَّدُ فِي الدَّارِ فَفِيهِ وَجْهَانِ، وَلَوِ ادَّعَى السَّارِقُ أنَّهُ نَامَ وَضَيَّعَ سَقَطَ القَطْعُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ كَمَا فِي دَعْوَى المِلْكِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الدار، إن كانت منفصلةٌ عن العمارات؛ بأن كانت في باديةٍ أو في [الطَّرَف] الخَرَاب من البلد أو في بُستان، فليْست [هي] بحرز لما فيها، إن لم يكْن فيها أحدٌ سواء كان البابُ مفتوحاً أو مغلقاً، فإن كان فيها صاحبُها أو حافظٌ آخرُ، نُظِر، إن


(١) في أ: بالاستعانة.
(٢) في الروضة: شائع.
(٣) في أ: المفردة.
(٤) سقط في ز.
(٥) في ز: يسهل.
(٦) في أ: والتسليق.

<<  <  ج: ص:  >  >>