للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من هذا ما حكى عن "المنْهاج" للشيخ أبي محمَّد: أنه إن كان بالليل، لم يُقْطَع؛ لأن الباب يكون مغلَقاً بالليل، وإن كان بالنهار، فيُقْطَع.

وأما إذا سرق واحدٌ من السُّكَّان، فإن سرق من العرصة، فلا قَطْع؛ لأنها مشتركةً بينهم، وما فيها غير محرَّز عنْهم، قال الإِمام: وهذا، إذا كان فتح الباب هيِّناً على من يَخْرُج منها، [بأن] كان موثَقاً بالسَّلاسل ونحوْها، فأما إذا كان موثقاً بالمغاليق، وله مفتاح بيَدِ حارس، وكان يحتاج مُخْرِج المتاعِ إلى معاناة ما يحتاج إليه من يحاول الدخول من خارج، فهذا فيه تردُّد، وإن أخْرَجَه من بعْض البيوت إلى الصَّحْن، وكان باب البيت مغلقاً، فعليه القطْع والصحْن في حقِّ السكَّان كالسكَّة المنْسدة بالإضافة إلى الدُّور، ولا فَرْق بين أن يكون الباب [مفتوحاً أو مغلقاً]، [كما إذا كان على السِّكَّة بابٌ لا فَرْق بين أن يكون مفتوحاً أو مغلقاً]، وذكر الإِمام احتمالاً أنه لا يجب القطْع بالإخْراج إلى السكَّة؛ لأنها مملوكة لأصحاب الدُّور، وهي مِنْ مرافقهم، فتشبه عَرَصَة الدار، وقد يُفْرَق على الظاهر؛ بأن الأمتعة قد تُوضَع في العرصة اعتماداً على ملاحظة سكَّان الحُجُر والبيوت بخلاف السِّكَّة، وقوله في الكتاب "ولو أخرج من حُجْرة الخان إلى العَرَصَة" فيه كلمات:

إحداها: أن المقصود ما إذا كان المُخْرِج من غير السكان، فإن كان منْهُم، فقد أطلقوا وجوب القَطْع بلا تفصيل ولا نَقْل خلاف.

والثانية: قوله "فهو كَعَرَصَة الدار" قد عرفَت الخلافَ فيه، وأن هذا جوابٌ على أحد الوجهين، [ثم] قد عرفْتَ من قبل أن عرصةَ الدارِ قد تكون حِرْزاً بأن كان الباب مغلَقاً، وقد لا تكون، فلو اقتصر على قوله "كالعرصة" ولم يذكر ما بعده، حَصَل غرض التفصيل، وإذا ذَكَر، فالمعنى كعرصة الدار التي هي حِرْز، إن كانت عرصة الخان حرْزاً.

والثالثة: قوله "إن لم يكن مُحَرَّزاً" إما أن يكون تقييداً للشارع أو يكون رَاجِعاً إلى صَحْن الخان، والأول غير متوجِّه؛ فإن الشارع ليس بحرْز أصلاً، وإن فرضت ملاحظة، فالإحراز بها، لا بالشارع، وإن قُدِّر رجوعه إلى صَحْن الخان، ففي قوله "وإلا فكالشارع" [غنية عنه]؛ لأن معناه، وإن لم يكن محرْزاً، وقوله "والعرصة أيضاً حِرْزٌ لبعض الأمتعة" يعني كما أن الحجرة (١)، يجب القطْع على مَنْ سرق منها، [فأخرج] إلى العرْصة وإلى خارج الخان، فكذلك ما تحرِّزه العرصة، يجب القطْع بإخراجه، منْها، إذا كان السارقُ من غير سكَّان الخان، فإن كان منهم، فلا قَطْع لأن المال غير محرَّز عنه، ويناسِبُ هذه الصورةَ صُوَرٌ:


(١) في ز: الحجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>