للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَطْعِ إِذَا سَمِعَ مَرَّةً، وَدَعْوَى السَّارِقِ الْمِلْكَ بَعْدَ البَيِّنَةِ يَدْفَعُ القَطْعَ إنْ لَمْ يُكَذِّبِ الشَّاهِدَ بِأَنْ قَالَ: كَانَ قَدْ وْهِبَ مِنِّي قَبْلَ السَّرَقَةِ وَالشَّاهدُ اعْتَمَدَ الظَّاهِرَ، وَلَوْ نَفَى أَصْلَ مِلْكِ المَسْرُوقِ مِنْهُ وَقُلْنَا لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ المُدَّعِي بَعْدَ البَيِّنَةِ لَمْ يَنْدَفعْ، فَإنْ قُلْنَا: لَهُ تَحْلِيفُهُ احْتَمَلَ دَفْعَ القَطْعِ (النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي الوَاجِبِ) وَهُوَ القَطْعُ وَرَدُّ المَالِ أَو الغُرْم إنْ كَانَ تَالِفاً، ثمَّ يُقْطَعُ اليُمْنَى مِنَ الكُوعِ، فَإنْ عَادَ قُطِعَ رِجْلُهُ اليُسْرَى، فَإِنْ عَادَ فَيَدُهُ اليُسْرَى، فَإنْ عَادَ فَرِجْلُهُ اليُمْنَى، فَإِنْ عَادَ عُزِّرَ وَلَمْ يُقْتَلْ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه مسألتان:

إحداهما: الشهادة على السرقة إن ترتبت على دعوى المسروق منه، أو وكيله فذاك (١). وإن شهد الشهود على سبيل الحسبة، ففي سماع شهادتهم اختلاف، حكاه الإِمام مأخوذ من أصل معروف في الشهادات، وهو أن ما يتمحض حقاً لله تعالى: كحد الزنا، يُقبَل فيه شهادة الحسبة، وما يتمحض [فيه] حقاً للآدمي، فالظاهر أن شهادة الحسبة مردودة فيه، والسرقة يتعلق بها القطع، الذي يعصم حق الآدمي، مع كونه حداً لله تعالى.

والغرم الذي يتمحض حقاً للآدمي ففي قبول شهادة الحسبة. فيها خلاف، والأصح القول لما سنذكر أن [ما] (٢) فيه حق مؤكد لله تعالى، تُقْبَل شهادة الحسبة فيه، وإن لم يتمحض حقاً له. وعلى هذا فإذا كان المسروق منه غائباً (٣)، فالنص أنه لا يقطع حتى يحضر الغائب، والنص فيما إذا شهد أربعة على الزنا بجارية غائب، أنه يُقَام الحد على المشهود عليه، ولا ينتظر حضور الغائب.

وفيهما ثلاثة طرق للأصحاب:

أحدها: وبه قال ابن سريج: أنه يُنتَظَر حضور المالك في الصورتين؛ لأن الملك ربما انتقل إلى المشهود عليه، أو وقفها المالك عليه. والشهود استصحبوا ما عرفوا، واعتمدوا ظاهر الحال. وإذا حضر المالك اعترف بالانتقال. والحدود يُحتَاطُ لها، ويُسعَى في دفعها [ومن] (٤) ذهب إلى هذه الطريقة، غلط من نقل نص الزنا، وربما أوله على أنه لا حاجة إلى حضوره وقت إقامة الحد.

والثاني: أن الصورتين على قولين بالنقل (٥) والتخريج.


(١) في ز: فزال.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: عاماً.
(٤) سقط في ز.
(٥) في ز: بالفعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>