للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: لا يُقطَعْ، ولا يُقَامُ حد الزنا حتى يحضر المالك لما تبين.

والثاني: يُقْطَعْ، ويُقَام لظهور موجب العقوبة [بالبينة] (١).

وأصحهما وبه قال ابن سلمة، وابن الوكيل والقاضي (أبو حامد) تقرير (٢) النصين. وذكر في الفرق وجوه منها، أن حد الزنا لا يسقط بإباحة الوطء، والقطع يسقط بإباحة الأخذ. وربما أباح الغائب الأخذ. وإذا حضر اعترف وعُرف الحال. ومنها -أن السقوط إلى القطع أسرع منه إلى حد الزنا. ألا ترى أنه إن سرق مال أبيه لا يُقْطَع، ولو زنا بجاريته يُحَد؟ ومنها- أن [القطع] (٣) متعلق حق الآدمي، من حيث إنه [يثبت] (٤) لِعِصْمَةِ ماله، فاشترط لذلك طلبه وحضوره والخلاف، قريب من الخلاف الذي سبق فيما إذا أقر بسرقة مال الغائب، أو أقر بالزنا بجارية الغائب، هل يُقْطَع ويُحَد في الحال، أو ينتظر المالك؟

وقد يرتب الخلاف على الخلاف، ويجعل صورة الإقرار أولى بعدم الانتظار، لبعد الأقرار عن التهمة. وإذا قلنا: لا يُقْطَع، ولا يُحَد، [في الحال] (٥) فهل يحبس؟ فيه الخلاف المتقدم فيما إذا أقر بسرقة مال الغائب، أو بالزنا بجاريته. وأشار الإِمام إلى أن الظاهر عند الأصحاب أنه يُحبَس؛ لما يتعلق بالسرقة من حق الله تعالى. ومهما (٦) لم يُقْطَع بعد شهادة الشهود، إلى أن يَحْضُر المالك؟ فإذا حضر المالك فإن لم يطلب المال أو اعترف بما يسقط القطع، فلا قطع. وإن طلب، ولم تظهر شهبة، [فالمفهوم] (٧) مما ساقه صاحب الكتاب هاهنا.

وفي الوسيط: أنا إن قلنا: إن شهادة الحسبة في السرقة مسموعة، فيُقْطَع. وهل يجب إعادة الشهادة لثبوت المال؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم؛ لأن شهادة الحسبة لا تُقْبَل في الأموال.

والثاني: لا، ويثبت الغرم تبعاً للقطع، وهذا ما أورده صاحب الكتاب، والأول أصح عند صاحب التهذيب، وغيره وإن قلنا: إنها غير مسموعة، فلا بد من إعادة البينة للمال. والظاهر أنها لا تُعاد للقطع، ورتب الإِمام ترتيباً آخر فذكر وجهين في أنه، هل تُعَاد البينة للمال؟ ثم قال: إن قلنا: إنها لا تُعاد، فيُقْطَع. كان قلنا: تُعَاد. فالظاهر عند الأصحاب أنه يُقْطَع أيضاً. ولا حاجة إلى إعادة البينة، وفيه احتمال ولك أن تقول:


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: يقوم.
(٣) في ز: الحد.
(٤) في أ: سبب.
(٥) سقط في ز.
(٦) في ز: ومنها.
(٧) في ز: فالمشهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>