للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبارة المنطبقة على اختيار الأئمة أصلاً وفرعاً في المسألة أن يقال (١) شهادة الحسبة مقبولة، فيما [يرجع] (٢) إلى القطع الذي هو حق الله تعالى. فيُقْطَع من غير إعادة البينة؛ لأنَّا قد سمعناها أولاً.

وإنما انتظرنا لتوقع (٣) ظهور ما يسقط، فلم يظهر شيء. وفي قبولها فيما يتعلق بالمال الخلاف، في أن شهادة الحسبة؛ هل تُسْمَع في حقوق الآدميين؟ إن قلنا: نعم، فلا حاجة إلى إعادة البينة، كان قلنا: لا، فيحتاج إلى الإعادة. وليُعْلَم قوله في الكتاب: "ولا تستأنف الشهادة لأجل (٤) الغرم" بالواو، وقوله:."إذا سمع مرة"، هذه اللفظة لا ذكر لها في الوسيط وهي مستكرهة؛ لأن التفريع على أن شهادة الحسبة لا تسمع، فكيف يقول مع ذلك: إنها سُمِعت مرة. ويمكن أن يُقَال: إنا أصغينا إليها، وسمعناها حقيقة، وكنا نتوقف في إمضاء حكمها، توقعاً لمسقط يظهر، فهذا لم يظهر، جرى عليها حكمها.

المسألة الثانية: قد سبق حكاية خلاف في أن السارق إذا ادعى [أن] (٥) المسروق ملكه، هل يسقط القطع بدعواه؟ وتبين أن الأظهر أنه يسقط، ثم إنه كرر المسألة هاهنا؛ ليبين موضع الخلاف. قال الإِمام: ويجري الخلاف فيما إذا ظهرت صورة السرقة؛ بأن سرق من حرز هو بما فيه في يد إنسان، ولم تقم بينة مفصله، فقال السارق هو ملكي، فعلى قولنا: نسقط القطع يبقى النزاع بينهما في المال، والمصدق فيه المأخوذ منه مع يمينه. كان قلنا: لا يسقط القطع بالدعوى، فإن حلف المسروق منه ثبت القطع مع المال. ويرجع الخلاف في أنه هل يثبت القطع باليمين المردودة، ويجري أيضاً فيما لو قامت بينة مفصلة يثبت بمثلها السرقة؟ وقال السارق: كان قد أباح لي (٦) أخذه، أو باعه، أو وهبه مني، والشهود اعتمدوا ظاهر الحال، أما إذا قال: إنه لم يزل ملكي، وكان قد غصبنيه، أو قال: ما سرقت أصلاً، فهذا يناقض قول الشهود، ويكذبهم. فهل يسقط به الحد، تفريعاً على أن الدعوى التي لا تكذبهم مسقطة؟ قال الإِمام فيه تردد مفهوم من كلام الأصحاب، وهذا التردد الذي ذكره، قد حكاه [القاضي] (٧) ابن كج [كذلك] (٨). وقال المذهب أنه: لا يسقط [القطع وعندي أنه يسقط] (٩)، وإطلاق عامة الناقلين يوافق [ما] عنده. وقد بني التردد على أن المدعى عليه بعد قيام البينة عليه لو


(١) في ز: تعاد.
(٢) في ز: إذا.
(٣) في ز: بالتوقيع.
(٤) في ز: لا على.
(٥) سقط في ز.
(٦) في ز: إلى.
(٧) في ز: الإمام.
(٨) سقط في ز.
(٩) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>