للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سرق رابعاً قُطِعَت رجله اليمنى. وبهذا قال مالك لما روي عن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في السَّارِق "إنْ سَرَقَ، فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوَا رِجْلَهُ، ثُمَّ إِنْ سَرَقَ فَاقْطَعُوَاْ يَدَهُ، ثُمَّ إنْ سَرَقَ فَاقْطَعُواْ رجْلَهُ" (١) وعند أبي حنيفة، لا تُقْطَع في المرة الثالثة؛ وما بعدها.

وفي تعليقة الشيخ [أبي علي]، وغيره عن أحمد مثله. فإن سرق بعد استيفاء أطرافه الأربعة، ففي النهاية أنه قد نقل عن القديم قولي: أنه يُقْتَل لما رُوِيَ عن جابر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "أُتِيَ بِسَارقٍ فَقَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ ثَانِياً فَقَطَعَ رِجْلَهُ، ثُمَّ ثَالِثاً فَقَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ رَابِعاً فَقَطَعَ رِجْلَهُ، ثُمَّ أَتِيَ بهِ خَامِساً فَقَتَلَهُ" (٢) والصحيح المشهور، أَنه يُعزَّر، ولا يقتل. والحديث منسوخ، أو محمول على أنه قتله [بزنا] (٣) أو استحلال وتقطع اليد من الكوع، والرجل من المفصل، بين الساق والقدم.

يُرْوَى عن أبي بكر وعمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أنهما قالا: [إِذَا سَرَقَ السَّارِقُ فَاقْطَعُوا يده من الكوع] (٤) ويُمِدُّ العضو مداً عنيفاً حتى ينخلع (٥)، ثم يقطع بحديدة ماضية، وليكن السارق جالساً، ويضبط حتى لا يتحرك. وليعلم لما ذكرنا قوله في الكتاب، "أو الغرم إن كان تالفاً" بالحاء، وقوله: ["فيده اليسرى ورجله اليمنى" بالحاء والألف، وقوله: "ولم يقتل" بالواو [والميم] (٦).


(١) رواه الدارقطني وفي إسناده الواقدي، ورواه الشَّافعي عن بعض أصحابه عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً: السارق إذا سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله، ثم إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله. وفي الباب عن عصمة بن مالك رواه الطبراني والدارقطني وإسناده ضعيف.
(٢) أخرجه الدارقطني بهذا، وفيه محمَّد بن يزيد بن سنان، قال الدارقطني: هو ضعيف، ورواه أبو داود والنسائي أيضاً بغير هذا السياق، بلفظ: جيء بسارق إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: اقتلوه، قالوا يا رسول الله إنما سرق، قال: اقطعوه، فقطع، ثم جيء به الثانية فقال: اقتلوه. فقالوا: يا رسول الله إنما سرق، قال: اقطعوه، فذكره كذلك، قال: فجيء به الخامسة فقال: اقتلوه، قال جابر: فانطلقنا إلى مربد النعم فاستلقى على ظهره، فقتلناه، ثم اجتررناه، فالقيناه في بئر، ورمينا عليه الحجارة، وفي إسناده مصعب بن ثابت وقد قال النسائي ليس بالقوي، وهذا الحديث منكر، ولا أعلم فيه حديثاً صحيحاً، وفي الباب عن الحارث بن حاطب الجمحي عند النسائي والحاكم، وعن عبد الله بن زيد الجهني عند أبي نعيم في الحلية، وقال ابن عبد البر: حديث القتل منكر لا أصل له، وقد قال الشَّافعي: هذا الحديث منسوخ لا خلاف فيه عند أهل العلم، قال ابن عبد البر: وهذا يدل على أن ما حكاه أبو مصعب، عن عثمان وعمر بن عبد العزيز أنه يقتل لا أصل له.
(٣) في ز: ندبا.
(٤) سقط في ز.
(٥) في ز: يتبلغ.
(٦) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>