للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: أنه يُتْرَكُ بلا طَعَامٍ، ولا شَرَابٍ إلى أن يَمُوتَ.

والثاني: ويُرْوَى عن أبي حَنِيَفَةَ: أنه يُطْعَنُ، وَيُجْرَحُ حتى يَمُوتَ.

والثالث: أنه يُتْرَكُ مَصْلُوبًا ثَلاَثًا، ثم يُنْزَلُ [ويقتل (١)] وتبين في هذا السياق أن الصَّلْبَ في القول الثاني، يُرَادُ به الصَّلْبُ الذي لا يَمُوتُ منه الشخص (٢)، والخلاف المذكور في أنه يُنْزَلُ عن الخَشَبَةِ بعد ثلاث، أو يترك حتى يَتَهَرَّى؛ تفريعًا على القول الأَوَّلَ جَارٍ مع تفريعنا على أنه يُصْلَبُ، ثم يُقْتَلُ، وقد ذكرنا ذلك في الجَنَائِزِ.

ومن فروع القولين وقد سَبَقَ في الجَنَائِزِ أَنَّا إذا قلنا: إنه يُقْتَل أَوَّلًا، ثم يصلب، وهو الصحيح، فَيُغَسَّلُ بعد القَتْلِ، ويُكَفَّنُ، ويُصَلَّى عليه ثم يصلب مُكَفَّنًا.

وإن قلنا: إنه يُصْلَبُ ثم يقتل، فإن قلنا: إنه ينزل فَيُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ، ويُصَلَّى عليه [ويدفن]، وإن قلنا: إنه يترك حتى يتهرأ فلا غُسْلَ ولا صلاة، ونقلنا هناك وَجهًا مُطْلقًا أنه لا يُصَلَّى على قاطع الطريق استِهَانَةً به، ولا يبعد أن يجري هذا الوَجْه فيما إذا اقْتَصَرَ المُحَارِبُ على القتل.

أما من لم يأخذ مَالاً، ولا قتل نفسًا (٣)، ولكنه كَثَّرَ جَمْعَ (٤) القاطعين وكان رِدْءًا لهم، وأرعب الرُّفْقَةَ فلا حَدَّ عليهم، كما لا حَدَّ في مُقَدِّمَاتِ الزِّنَا والشُّرْبِ.

ولو أخذ [بعضهم] (٥) أقلَّ من نِصَابٍ، فكذلك الحُكْمُ إذا شرطنا النِّصَابَ، ولا يكمل نِصَابُهُ بما أخذ غيره.

وبم يُعَاقَبُ الرِّدْءُ؟ فيه وجهان:

أصحهما: أن الإِمَامَ يُعَزِّرُهُ باجتهاده بالحَبْسِ أو التَّغْرِيبِ (٦) أو سائر وُجُوهِ التَّأْدِيبِ، كما في سائر الجَرَائِمِ.

والثاني: أنه يُغَرِّبُهُ ويَنْفِيهِ إلى حيث يَرَاهُ، وليختر جهة يحتف (٧) بها أهل النَّجْدَةِ والبَأْسِ من أصحابه، لِيَأْمَنَ منه، وإذا عين (٨) صَوْبًا منعه من أن يَعْدِلَ عنه ويسير حَيْثُ شاء، وعلى هذا فهل يعزر في البَلْدَةِ المَنْفِيِّ إليها بِضَرْبٍ أو حَبْسٍ أو غيرهما، أو يُكْتَفَى بالنَّفْي؟ فيه وجهان واحتج من ذهب إلى أن الرِّدْءَ يُنْفَى بقوله تعالى: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: ٣٣].


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: الصلب.
(٣) في ز: نصيبًا.
(٤) في ز: كيد جميع.
(٥) سقط في ز.
(٦) في ز: والتعذيب.
(٧) في ز: يخيف.
(٨) في ز: غير.

<<  <  ج: ص:  >  >>