للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأظهرهما: نعم، ويكتفي بما حصل من النَّكَالِ.

وإن خِيفَ [التَّغَيُّرُ] (١) قبل الثلاث، فهل يُنْزَلُ؟ فيه وجهان:

أظهرهما: نعم، وبه قال المَاسَرْجِسِيُّ وغيره -وحَمَلُوا قول الشَّافعي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنه يُصْلَبُ ثلاثًا، على ما إذا كان الهَوَاءُ باردًا، أو مُعْتَدِلًا.

وقالوا: إذا خِيْفَ التَّغَيُّرُ عند شِدَّةِ الحَرِّ يُنْزَلُ قبل تَمَامِ الثلاث.

والوجه الثاني لمن الأصل -وبه قال ابن أَبِي هُرَيْرَةَ: أنه يُتْرَكُ حتى يَتَهَرَّأَ وَيسِيلَ (٢) صَدِيدُهُ، ولا يُنْزَلُ بحال، والوجهان مُتَّفِقَانِ على أنه يُصْلَبُ على خَشَبَةٍ أو نحوها. وفي "جمع الجوامع" للرُّوَيانِيّ عن المَاسَرْجِسِيِّ: أنه المذهب، وأن القاضي ابن أبي هُرَيْرَةَ قال: يُطرَحُ على الأَرْضِ حتى يَسِيلَ صَدِيْدُهُ.

قال الإِمام: وذكر الصَّيْدَلَانِيُّ أنه يُتْرَكُ حتى يَتَسَاقَطَ.

وفي القَلْبِ منه شيء فإني لم أَرَهُ لغيره، والتَّسَاقُطُ يقع بعد سَيَلاَنِ الصَّدِيدِ مُدَّةً طويلة.

وإذا قلنا: ينتظر سَيَلاَنُ (٣) الصليب فلا نُبَالِي بِإنْتَانِهِ، إذ لا بد منه ولفظ صاحب "التهذيب" في حكاية وَجْهِ ابن أبي هريرة: أنه يُتْرَكُ حتى يسيل صَدِيدُهُ، إِلاَّ أن يتأذى (٤) به الأحيَاءُ، ومما ذكره الإِمَامُ أَقْرَبُ إلى سِيَاقِ ذلك الوجه.

فهذا أَصَحُّ القولين، والطُّرُقُ من تفريعه.

والثاني: أنه يُصْلَبُ أوّلاً حَيًّا، ثم يُقْتَلُ -وبه قال أبو حَنِيْفَةَ؛ لأن الصَّلْبَ شُرعَ (٥) عُقُوبَةً له، فَيُقَامُ عليه وهو حَيٌّ، ويُنْسَبُ هذا القَوْلُ إلى رواية صاحب "التلخيص" وغيره.

وفي "النهاية": أن الشَّافعي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- حَكَى هذا المَذْهَبَ عن بعض السلف حكايةً أَشْعَرَتْ بِارْتِضَاءٍ، فصار صائرون من الأصحاب إلى أنه قَوْلٌ للشَّافِعِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- والصحيح أنه حِكَايَةُ مذهب الغير، فيخرج مما (٦) ذُكِرَ طريقة قاطعة بالقَوْلِ الأول.

وكيف يُقْتَلُ؟ إذا فرع على القول الثاني [مصيرًا] (٧) إلى إِثْبَاتِ القولين فيه وجوه:


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: ويصل.
(٣) في ز: الصلب.
(٤) في ز: يبدأ به الإِمام.
(٥) في ز: ينتزع.
(٦) في ز: فيما.
(٧) في ز: قصيدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>