للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُصَلَّبُوا [ويقتلوا] إن أَخَذُوا المَالَ وقَتَلُوا، أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خِلاَفٍ إن اقْتَصَرُوا عَلَى أَخْذِ المال.

وكلمة "أو" للتنويع، لا للتَّخْيِيرِ، كما يقال: الزَّانِي يُجْلَدُ أو يُرْجَمُ.

ويعتبر في المال المَأْخُوذِ أن يكون نِصَابًا، ويكون فيه ما ذُكِرَ من الخلاف.

هذا ظاهر المذهب فيمن جمع بين القَتْلِ، وأَخْذِ المَالِ، ووراءه شيئان:

أحدهما: عن أبي الطَّيْبِ سلمة تَخرِيجُ قَوْلٍ أنه تُقْطَعُ يَدُهُ ورِجْلُهُ، ويُقْتَلُ ويُصْلَبُ، الصَّلْبُ لِجَمْعِهِ بين أَخْذِ المال والقَتْلِ، والقَتْلُ للقتل، وقطع العُضْوَيْنِ لأخذ المال.

والثاني: عن صاحب "التقريب" حِكَايَةُ قَوْلٍ: أنه إن قَتَلَ، وأخذ نِصَابًا قُطِعَ وَقُتِلَ ولَم يُصْلَبْ، وإن قَتلَ وَأَخَذَ ما دون النِّصَابِ لم يُقْطَعْ، ولكن يُقْتَلُ للقتل، ويُصْلَبُ تَنْكِيلاً لِأَخْذِ المال الذي لا يوجب القَطْعَ.

وعند أبي حنيفة: يَتَخَيَّرُ الإمامُ فيمن أَخَذَ المَالَ، وقتل بين أن يَجْمَعَ عليه القَطْعَ وَالْقَتْلَ، أو يَجْمَعَ بين القَتْلِ والصَّلْبِ.

ويُرْوَى أن تقتصر على القتل.

وعن مالك: أن الإِمام يَنْظُرُ في الذين شَهَرُوا السلَاحَ، وأخافوا السَّبِيلَ، ويجتهد فيهم فمن رآه ذا رَأْي قَتَلَهُ، ومن رآه قَوِيًّا لا رَأْيَ له قطعه، [ومن رَأَى] (١) أنه لا رَأْيَ له ولا قُوَّةَ، حَبَسَهُ. وفي كيفية القتل والصَّلْبِ إذا اجتمعا قولان:

أصحهما: أنه يقتل ثم يُصْلَبُ، ولا يُقَدَّمُ الصَّلْبُ على القتل؛ لأن (٢) فيه تَعْذِيبًا وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن تَعْذِيبِ الحَيَوانِ، والمقصود من صَلْبِهِ بعد القَتْلِ التَّنْكِيلُ وَزَجْرُ الغَيْرِ، وعلى هذا فكم يُتْرَكُ (٣) مَصْلُوبًا؟ فيه وجهان:

أظهرهما -ويُنْسَبُ إلى النَّصِّ: أنه يترك ثَلاَثًا لِيَشْتَهِرَ الحَالُ، ويتم النِّكَالُ، وعلى هذا فإذا مضى الثَّلاَثُ نُظِرَ إن [سَالَ صَلِيبُهُ] (٤) وهو الوَدَكُ أُنْزِلَ، وإِلاَّ فوجهان، ويقال: قَوْلان:

أحدهما: لا يُنْزَل؛ لأن الصَّلْبَ سُمِّيَ صَلْبًا؛ لِسَيَلاَنِ صَلْبِ المَصْلُوبِ، فيترك إلى أن يَحْصُلَ السَّيَلاَنُ.


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: ولكن فيه تعذيب.
(٣) في ز: ينزل.
(٤) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>