للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قَاطِعُ الطريق إذا قَتَلَ في قَطْعِ الطريق خَطَأً، بأن رَمَى إلى شَخْصٍ، فأصاب غَيْرَهُ، أو قَتَلَ شِبْهَ عَمْدٍ، لم يلزمه القَتْلُ، وتكون الدِّيَةُ على عَاقِلَتِهِ، وإن قَتَلَ عَمْدًا، فقد سَبَقَ أنه يَنْحَتِمُ قَتْلُهُ.

وما حَالُ هذا القَتْلِ؟ فيه قولان اخْتَلَفُوا في التعبير (١) [عنهما] (٢) [فقالت] (٣) طَائِفَةٌ: وهو الأَصَحُّ، هذا القَتْلُ فيه معنى [القِصَاصُ؛] (٤) [لأنه] (٥) قَتْلٌ في مُقَابَلَةِ قَتْل، وفيه معنى الحُدُودِ؛ [لأنه لا] (٦) يَصِحُّ العفو عنه، ويَتَعَلَّقُ اسْتِيفَاؤُهُ بالسلطان، لا بالوَلِيِّ، وما [المُغَلَّبُ من] (٧) [المعنيين؟] (٨) فيه قولان.

وقال آخرون: هل يَتَمَحَّضُ [هذا] (٩) القتل حَقًّا لله -تعالى- أو فيه حَقُّ الآدمي أيضاً؟ فيه قولان، وهذا هو إيراد الكتاب، وهو تَغْلِيبُ حَقِّ الله تعالى، أو تَمْحِيضُهُ حَقًّا لله -تعالى- لأنه لا يَصِحُّ العَفْوُ عنه، وَيتَعَلَّقُ اسْتِيفَاؤُهُ بالإمام، ووجه رِعَايَةِ حَقِّ الآدمي، وهو الأَصَحُّ -أنه لو قَتَلَ في غير المُحَارَبَةِ لثبت القِصَاصُ للآدمي، فيبعد أن [يَبْطُلَ] (١٠) حَقُّهُ بوقوع القَتْلِ في المُحَارَبَةِ.

ولنا اختلاف قول في أنه إذا اجتمع حَقُّ الله -تعالى- وَحَقُّ الآدمي تغلَّبَ حَقُّ [الآدمي أم] (١١) لا؟ فكيف يَنْتَظِمُ هنا إِبْطَالُهُ بالكُلِيِّة.

ويقال [بناء على] (١٢) هذا القَوْل: إن أَصْلَ القَتْلِ في مُقَابَلَةِ القتل [والتحتم] (١٣) حَقُّ الله تعالى، وَيتَفَرَّعُ على الخلاف المذكور [صُوَرٌ:] (١٤) منها إذا قَتَلَ قَاطِعُ الطريق من لا يُكَافِئُهُ، كالأَبِ يَقْتُلُ الابْنَ، والمسلم يَقْتُلُ الذِّمي، والحُرُّ العَبْدَ، فإن لم يُرَاع معنى (١٥) القِصَاصِ وحَق الآدمي قتلناه حَدًّا، ولم نُبَالِ بعدم الكَفَاءَةِ، وإن رَاعَيْنَاهُ لم نقتله به، وأوجبنا الدِّيَةَ، أو القيمة.

ولو قتل قَاطِعُ الطريق عبد نفسه فعن ابن أبي هريرة والقَاضِي حسين تَخْرِيجُهُ على الخلاف. وعن أبي إسحاق القَطْعُ بأنه لا يقتل، كما أنه لا يُقْطَعُ إذا أَخَذَ مَالَ نفسه (١٦)، وهذا ما اختاره الصَّيْدَلاَنِيُّ.


(١) في ز: التقيد.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.
(٤) سقط في ز.
(٥) سقط في ز.
(٦) سقط في ز.
(٧) سقط في ز.
(٨) سقط في ز.
(٩) سقط في ز.
(١٠) في أ: يحبط.
(١١) سقط في ز.
(١٢) سقط في ز.
(١٣) سقط في ز.
(١٤) سقط في ز.
(١٥) في ز: يعني.
(١٦) في ز: يعيينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>