المال، وفي القصاص ما ذكرناه. وإن كان قد أَخَذَ المَالَ سَقَطَ عنه قَطْعُ الرِّجْلِ، وأما قَطْعُ اليد فقد ذُكِرَ وجهان في أنه هَلْ يُعَدُّ من خَوَاصِّ قطع الطريق؟
عن أبي إِسْحَاقَ أنه ليس من خَوَاصِّهِ؛ لتعلُّقِهِ بأخذ نِصَابٍ في السرقة.
وعن أَبَوَيْ علي بن أبي هريرة والطبري -رحمهما الله- أنه من خَواصِّهِ؛ لأن قطع اليَد في المُحَارَبَةِ جُزْءٌ من الحَدِّ الوَاجِبِ، والمُوجِبُ له أَخْذُ المال مُجَاهَرَةً، وقطع اليد في السَّرِقَةِ حَدٌّ برأسه، والمُوجِبُ له أَخَذُ المال خُفْيَةً، فقد اخْتَلَفَ المُوجِبُ وَالوَاجِبُ، فإن جَعَلْنَاهُ من خَوَاصِّ قَطْعِ الطريق، سَقَطَ، كقطع الرجل، وهو الأظهر، والجَوَابُ في "التهذيب" وفي الكتاب.
وإن لم نجعله من خَوَاصِّهِ، ففيه الخلافُ المذكورُ في سائر الحدود.
وقوله في الكتاب "يَسْقُطُ بالتَّوْبَةِ قبل الظَّفرِ" يريد به ما يَخْتَصُّ من العقوبة بِقَطْعِ الطريق، ويجوز إعْلاَمُهُ بالواو لما قَدَّمْنَا، وكذا إِعْلاَمُ قوله:"ففيه قولان" لما ذكرنا أنَ بَعْضَهُمْ قَطَعَ بأنه لا تسقط عُقُوبَةُ قاطع الطريق بعد الظَّفَرِ وقوله: "والصحيح أن من ظَهَرَ تَقْوَاهُ ... " إلى آخره ترجيح للقول بالسُّقُوطِ بالتوبة على ما قاله جَمَاعَةٌ من الأصحاب مع اعتبار صَلاَحِ الحَالِ.
وأوضحه بأن قوله:"تُبْتُ" عند التَّعَرُّضِ لإقامة الحدّ لا يُوثَقُ به، فيعتبر الاستبراء ليعلم صِدْقُهُ، وصَلاَح سَرِيرَتِهِ، ويمكن إعْلاَمُ قوله:"فينبغي أن يُعْتَبَرَ معه الاسْتِبْرَاءُ بالواو"، إِشَارَة إلى الوجه المكتفي بِإِظْهَارِ التوبة. وليعلم قوله:"دون القِصَاصِ بالواو".
وكذا لَفْظُ:"قطع اليَد".
وقوله "وإن أَخَذَ نِصَابًا" لفظ النِّصَابِ غير مُحْتَاجٍ إليه في هذا المَقَامِ، فقد عرفنا من قبل أن القَطْعَ إنما يُنَاطُ بالنِّصَابِ، وَلو قال: إذا أخذ المَالَ بدلًا عن قوله: "وإن أَخَذَ نِصَابًا" كان أَحْسَنَ [الْتِئَامًا](١).