أحدهما: أن التسبيح والتصفيق لا اختصاص لهما بحالة تنبيه الإمام، بل متى ناب الرجل شيء في صلاته كما إذا رأى أعمى يقع في بئر واحتاج إلى تنبيهه أو استأذنه إنسان في الدخول، وأراد إعلام غيره أمراً فالسُّنَّة له أن يسبح، والمرأة تصفق، في جميع ذلك لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال:"إِذَا نَابِ أَحَدُكُمْ شَيْءٌ فِي صَلاَته، فَلْيُسَبِّحْ، فَإِنَّمَا التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ"(١).
والثاني: أن المراد من التصفيق أن تضرب بطن كلها الأيمن على ظهر كلها الأيسر.
وقيل: أن تضرب أكثر أصابعها اليمنى على ظهر أصابعها اليسرى.
وقيل: هو ضرب أصبعين على ظهر الكف، والمعاني متقاربة، والأول أشهر، ولا ينبغي أن تضرب بطن الكف على بطن الكف، فإن ذلك لعب، ولو فعلت ذلك على وجه اللعب بطلت صلاتها، وإن كان ذلك قليلاً، لأن اللعب ينافي الصلاة، فهذا شرح مسائل الكتاب، وينخرط في سلك الأعذار سوى ما ذكره أمور:
منها: ما يقع جوابًا للرسول -صلى الله عليه وسلم- فإذا خاطب مصلياً في عصره وجب عليه الجواب، ولم تبطل بذلك صلاته.
ومنها: لو أشرف إنسان على الهلاك، فأراد إنذاراه وتنبيهه ولم يحصل ذلك إلا بالكلام فلا بد له من أن يتكلم، وهل تبطل صلاته؟ فيه وجهان:
أحدهما -وبه قال أبو إسحاق واختاره جماعة من الأصحاب-: لا كإجابة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وأصحهما: عند الأكثرين، نعم للنصوص المطلقة، ويستثنى جواب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لشرفه، ولهذا أمر المصلي بأن يقول: سلام عليك أيها النبي؛ ولا يجوز أن يقول ذلك لغيره.
ومنها: ما حكى المحاملي وغيره: أنه لو قال: آه من خوف النار لم تبطل صلاته، والمشهور خلافه.