للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حالة الجهل أيضاً، وكذلك في سبق اللسان، وما الحد الفارق بين القليل والكثير؟ حكي في "البيان" عن الشيخ أبي حامد أن الكلام اليسير حده الكلمة والكلمتان والثلاث ونحوها (١)، [وعن] ابن الصباغ أن اليسير هو: القدر الذي تكلم به النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث ذي اليدين وكل واحد منهما للتمثيل أصلح منه للتحديد، والأظهر فيه وفي نظائره الرجوع إلى العادة على ما سيأتي.

إذا عرفت ذلك عرفت أن قوله: (ولا تبطل لسبق اللسان، ولا بكلام الناسي ...) إلى آخره المراد منه الكلام اليسير وإن كان اللفظ مطلقاً إلا أن يريد الجواب على الوجه المنسوب إلى أبي إسحاق، فحينئذ لا حاجة إلى التقييد، ويحتاج إلى الإعلام بالواو والظاهر أنه ما أراد إلا اليسير.

وقوله: (ولا بكلام النَّاسِي) معلم بالحاء والألف لما قدمناه، ولك أن تعلم قوله: (ولا بكلام الجاهل) بالحاء أيضاً لأن في كلام أصحابنا حكاية الخلاف عن أبي حنيفة في صورة الجهل أيضاً.

وقوله: (بأن كان قريب العهد بالإسلام) في بعض النسخ إن كان قريب العهد، وهو أولى؛ لأن الغرض تقييد الجاهل، وإنما يقال: بأن يكون كذا في موضع التفسير والبيان.

وقوله: (ومصلحة الصلاة ليست عذراً في الكلام) الغرض منه بيان أنه لا فرق بين أن يتكلم لمصلحة الصلاة مثل أن يقول: لإمامه الساهي بالقيام: اقعد، أو بالقعود: قم، أو تكلم لا لمصلحتها، وكونه لمصلحتها ليس من جملة الأعذار، خلافاً لمالك -رضي الله عنه- وهو رواية عن أحمد في حق الإمام خاصة.

لنا ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "الْكَلاَمُ يَنْقُضُ الصَّلاَةَ وَلاَ يَنْقُضُ الوُضُوءَ" (٢).

وهذا مطلق.

واحتج الأصحاب أيضاً بأن المأموم إذا أراد تنبيه الإمام على سهوه فالسُّنة له أن يسبح إن كان رجلاً، وإن تصفق إن كانت امرأة فلو جاز أن ينبه بالكلام لما أمر بالعدول إلى التسبيح، وغيره.

واعرف هاهنا شيئين:


(١) في أوحكى.
(٢) أخرجه الدارقطني (١/ ١٧٢ - ١٧٣) بإسناد ضعيف، انظر الخلاصة (١/ ١٥٤) من رواية سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>