للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[محرم] (١) أم لا؟ والظاهر في الصورتين أنه معذور.

والثاني: أن يكون التردد في حق بعيد العهد بالإسلام، إذا جهل كون التنحنح مبطلاً هل يعذر أم لا؟ فعلى رأي لا، كما إذا جهل كون الكلام مبطلاً، وعلى رأي: نعم؛ لأن ذلك مشهور لا يكاد يجهله مُسْلِمٌ، وهذا ما يختص بمعرفته الفقيه -والله أعلم-.

ومنها: الإكراه فلو أكره حتى تكلم، هل تبطل صلاته؟ فيه قولان، كالقولين فيما لو أكره الصائم على الأكل.

أحدهما: لا تبطل صلاته إلحاقًا للإكراه بالنسيان.

وفي الخبر: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ" (٢).

وأصحهما: ولم يذكر في "التهذيب" سواه: أنها تبطل؛ لأنه أمر نادر بخلاف النسيان، وصار كما لو أكره على أن يصلي بلا وضوء أو قاعداً تجب عليه الإعادة، ولا يكون عذراً، ثم جميع هذه الأعذار في الكلام اليسير، فأما إذا كثر ففي صورة النسيان وجهان مشهوران:

أحدهما: أنها لا تبطل الصلاة؛ لأنه لو أبطلها (٣)، لأبطلها القليل، كما في حالة التعمد، وبهذا قال أبو إسحاق.

وأظهرهما: عند الجمهور: أنها تبطل، وعليه يدل كلام الشافعي -رضي الله عنه- في "المختصر" وذكروا له معنيين:

أحدهما: أن الاحتراز عن الكثير سهلٌ غالباً؛ لأن النسيان فيه يبعد ويندر، وما يقع نادراً لا يعتد به.

والثاني: أنه يقطع نِظْمَ الصَّلاَةِ وهيئتها، والقليل يحتمل لقلته، ورتبوا على هذه المسألة بطلان الصوم بالأكل الكثير ناسياً، إن قلنا: لا تبطل الصلاة فالصوم أولى بالاَّ يبطل، وإن قلنا: ببطلان الصلاة، ففي الصوم وجهان مبنيان على المحنيين، إن قلنا: بالمعنى الأول يبطل وإن قلنا: بالثاني فلا إذ ليس في الصوم أفعال منظومة حتى يفرض انقطاعها، وإنما هو انكفاف مجرد، وأجرى صاحب "المهذب" وغيره هذا الخلاف في


(١) في أحرام ولا فرق بينهما هنا.
(٢) أخرجه ابن ماجة بلفظ (إن الله وضع إلى آخره) (٢٠٤٥)، وذكره الهيثمي في الموارد (١٤٩٨)، والحاكم (٢/ ١٩٨)، وانظر التلخيص (١/ ٢٨١) وما بعدها.
(٣) في "ب" لو أبطل الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>