للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّلاَةِ" (١)، وإن كَانَ عامدًا بطلت سواء كثر أو قلّ كركوع وسجود ونحوهما؛ لأنه تلاعب في الصلاة، وإعراض عن نظام أركانها.

وقال أبو حنيفة: لا تبطل صلاته بزيادة الركوع والسجود عمداً، وإنما تبطل بزيادة ركعة.

والضرب الثاني: ما ليس من جنس أفعال الصَّلاَةِ، وهو المقصود في الكتاب، فلا خلاف أنه يفرق فيه بين القليل والكثير؛ لما روي "أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى وَهُوَ حَامِلُ أُمَامَةَ بِنْتِ أَبِي الْعَاصِ فَكَانَ إِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ رَفَعَهَا".

وروي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "اقْتُلُوا الأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلاَةِ الحية وَالعَقْرَبِ" (٢).

وروي أنه -صلى الله عليه وسلم- "أَخَذَ بِأُذُنِ ابْنِ عَبَّاس -رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا- وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ فَأدَارَهُ مِنْ يَسَارِهِ إِلَى يَمِينِهِ" (٣).

ودخل أبو بكر المسجد والنبي -صلى الله عليه وسلم- في الركوع فركع خيفة أن يفوته الركوع ثم خطا خطوة ودخل الصف، فلما فرغ قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "زَادَكَ اللهُ حِرصاً، وَلاَ تَعُدْ" (٤) ولم يأمره بالإعادة.

وروي "أَنَّهُ صَلَّى -صلى الله عليه وسلم- سَلَّمَ عَلَيهِ نَفَر مِنَ الأَنصَارِ، فَرَدَّ عَلَيْهِمْ بِالإشَارَةِ" (٥).

دلت هذه الأخبار ونحوها، على احتمال الفعل القليل في الصلاة، وإلى هذا أشار المصنف حيث قال في ترجمة الشرط "ترك الأفعال الكثيرة" وفي الكلام لما استوى قليله وكثيره في الإبطال، أطلق فقال: (ترك الكلام).

والمعنى فيه: أنه يعسر على الإنسان أو يتعذر الكون على هيئة واحدة في زمان طويل، بل لا يخلو عن حركة واضطراب، ولا بد للمصلي من رعاية التعظيم والخشوع، [فعفى عن القدر الذي لا يحمل على الاستهانة بهيئة الخشوع] (٦) وأما في


(١) أخرجه البخاري من رواية ابن مسعود (٤٠٤)، ومسلم (٥٧٢).
(٢) أخرجه الدارمي (١٥١٢)، وأبو داود (٩٢١)، والترمذي (٣٩٠) وقال: حسن صحيح والنسائي (٣/ ١٠)، وابن ماجة (١٢٤٥)، والهيثمي في الموارد (٥٢٨)، والحاكم في المستدرك (١/ ٢٥٦).
(٣) أخرجه البخاري (١١٧، ١٣٨، ١٨٣، ٦٩٧، ٦٩٨، ٦٩٩، ٧٢٦، ٧٢٨، ٨٥٩، ٩٩٢، ١١٩٨، ٤٥٦٩، ٤٥٧٠، ٥٩١٩. ٦٢١٥، ٦٣١٦، ٧٤٥٢)، ومسلم (٧٦٣).
(٤) أخرجه البخاري (٧٨٣)، وأبو داود (٦٨٣، ٦٨٤).
(٥) أخرجه أبو داود (٩٢٧) والترمذي (٣٦٨) وقال حسن صحيح والنسائي (٣/ ٦٠٥) وأخرجه ابن ماجة (١٠١٧) وذكره الهيثمي في الموارد (٥٣٢).
(٦) سقط في "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>