للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فطلب صاحب الجوْهَرَةِ ذبحها، وَرَدَّ الجوهرة، فقد سبق ذكره في الغَصْبِ.

وفي فتاوى صاحب التهذيب رحمه الله فروع تَتَعَلَّقُ بهذه الأبواب وفيها ما سَبَقَ نَظِيرُهُ أو عينه، وقد أَعَدْنَاهُ لزيادة ذكرها.

[قال]: الراعي كالمالك يَضْمَنُ ما أتلفته الدابة في يده، ولو أُودِعَ دابة من إنسان، فأرسلها فأتْلَفَتْ شيئًا، فعلى المُودَعِ الضَّمَانُ ليلاً كان أو نهاراً؛ لأن عليه حِفْظَهَا بالليل والنهار، وفي هذا توقف ويشبه أن يقال: عليه الحِفْظُ بِحَسَبِ ما يحفظ المُلاَّكُ.

[قال]: ولو اسْتَأْجَرَ رَجُلاً لحفظ دَوَابِّهِ، فأتلفت زَرْعًا ليلاً أو نهاراً، فعلى الأجير الضَّمَانُ؛ لأن عليه حِفْظَهَا في الوقتين، وذكر أنه رأى المسألة كذلك في طريقة "العِراقِ" (١) في "كتاب الغَصْبِ" وذكر أنه لو دخلت دَابَّةُ إِنْسَانٍ مِلْكَ آخر، فأخرجها، ضمن كما لو هَبَّتِ الرِّيحُ بِثَوْبٍ في حجرة. وألقاه، يَضْمَنُ، بل عليه رَدُّهَا إلى المال، فإن لم يجده دَفَعَهَا إلى الحاكم، إلا أن تكون مُسَيِّبَةً من جهة المالك؛ كالإِبِلِ والبَقَرِ، وعلى هذا فالذي قَدَّمْنَا أنه يخرجها من زَرْعِهِ، إلا إذا كان زرعه مَحْفُوفاً بزرع الغَيرِ، فيحمل على ما إذا كانت مُسيَّبَةً من جهة المالك.

وأنه إذا دَخَلَتْ بهيمة أرضه، فأتلفت زَرْعَهُ، دفعها كما يدفعها لو صَالَتْ عليه فإن نَحَّاهَا عن الزرع، واندفع ضَرَرُهَا، لم يجز إِخْرَاجُهَا عن الملك وشغلها المَكَان، وإن كان فيه ضَرَرٌ لا يبيح إِضَاعَةَ مال الغير، ولو أن مالكها أَدْخَلَهَا في ملكه، بغير إذنه، فأخرجها مالك الأرْضِ بعد ما غاب مالكها أو لو وضع إنسان مَتَاعَهُ في المَفَازَةِ على دابة الغَيْرِ بِغير إذنه وغاب، فأَلْقَاهَا صاحب الدابة (٢) فيحتمل وجهين:

أحدهما: لا يضمن؛ لِتَعَدِّي المالك.

والثاني: يضمن؛ لأنه مُتَعَدٍّ بالتَّضْييع.

وأنه لو كان يَقْطَعُ شجرة في ملكه، فسقطت على رِجْلِ وَاحِدٍ من النَّظَارَةِ فَانْكَسَرَتْ، نظر إن كان ذلك الرجل يعرف أن الشَّجَرَة إذا سَقَطَتْ تصيبه، فلا ضَمَانَ على قاطعها، وإن كان لا يَعْرِفُ، والقاطع يعرف، ولم يخبره، ضَمِنَ، سواء دخل مِلْكَهُ بإذنه، أو بغير إذْنِهِ.

وإن كانا جاهلين بأنها تصيبه، فلا ضَمَانَ؛ لأنه مُتَصَرِّفٌ في ملكه، وإن كانا


(١) قال النووي: ينبغي أن لا يضمن الأجير والمودع إذا أتلفت ليلاً كان أو نهارًا، لأن على صاحب الزرع حفظه نهارًا، وتفريط الأجير إنما يؤثر في أن مالك الدابة يضمنه.
(٢) في ز: الدار.

<<  <  ج: ص:  >  >>