للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غزوةُ أُحُد (١) في الثالثَةِ، ....................................


= هذه خلاصة وجيزة لغزوة بدر الكبرى أو إلى الغزوات التي دار فيها القتال بين القرشيين والمسلمين -فهل موقف المسلمين الحربي كان موقف دفاع أم هل كان موقف هجوم؟؟
لقائل أن يقول: إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان مهاجماً فهو الذي خرج لاعتراض عير قريش -بعد أن فاتته في غزوة العشيرة. وما ذاك إلا لأنه يتحرش بها للقتال. وهو الذي أصر على لقائها بعد أن علم أنها خرجت بخيلها ورجلها وأن موقف قريش كان موقف الدفاع عن أموالها ورجالها- ولكن هذا القول ليس له عند البحث ما يؤيده. فإن قريشاً كانت تحرص كل الحرص على لقاء المسلمين وقتالهم إذ لو كانت تقصد الذود عن تجارتها فقط؟ فقد نجت هذه التجارة. وأمرهم رئيس القافلة بالرجوع إلى مكة فلماذا لم يتبعوا مشورته؟ وينزلوا على رأي الأخنس بن شريق حينما قال لهم: "اجعلوا إلى جنبها، وارجعوا فإنه لا حاجة لكم بأن تخرجوا في غير ضيعة"؟ واتبعوا رأي أبي جهل؟؟ ولقيت مقالة (والله لا نرجع حتى نرد بدرًا إلخ) من نفوسهم القبول والتأييد؟؟
إن قريشاً غرتهم كثرة عددهم وعدتهم فخرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس وعز عليهم أن يعودوا دون الأخذ بثأر عمرو بن الحضرمي.
يؤيد هذا قول حكيم بن حزام لعتبة بن ربيعة "يا أبا الوليد إنك كبير قريش وسيدها. هل لك أن لا تزال تذكر فيها بخير إلى آخر الدهر؟ قال عتبة: وما ذاك؟ قال ترجع بالناس، وتحمل دم حليفك عمرو بن الحضرمي قال قد فعلتُ .. عليّ دمه، وما أصيب من ماله. وإرسال أبي جهل إلى عامر ابن الحضرمي وقوله له هذا حليفك عتبة يريد أن يرجع بالناس فقم فانشد مقتل أخيك. كل هذا يدل على أن قريشاً كان موقفها في هذه الغزوة موقفاً هجومياً وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه كانوا يقفون موقف الدفاع، وما خروجه لاعتراض عير قريش إلا من قبيل المناوشات الحربية لحملها على الاتفاق معه.
فلما تبدل الموقف أقدم النبي -صلى الله عليه وسلم- على الحرب، وهو راغب عنها يدل لذلك قوله عليه الصلاة والسلام لما رأى قريشًا تصوب من العقل ورأى عتبة على جمل له أحمر (إنْ يَكُنْ في أَحَدٍ مِنَ القَوْم خَيْرٌ فَعِنْدَ صَاحِبُ الْجَمَلِ الأَحْمَرِ إِنْ يُطِيْعُوهُ يرْشدُوْا) ... إذ لو رجع المسلمون إلى المدينة بعد أن توجهت قريش إلى طلبهم، وعلم الناس بذلك لكان هذا القرار سبيلاً لإطماع قريش في مفاجآتهم، والدخول عليهم في بلدهم الجديد خصوصًا، واليهود الذين عاهدهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بدأوا يقلبون له ظهر المجن -فلا يبعد أن يتعاونوا مع قريش، وتتفق كلمتهم على إعادة المأساة في المدينة ومطاردتهم منها كما طردوا عن مكة. وعندئذ يتجسم الفشل في مصير الدعوة ويذهب شأن الرسول صلوات الله عليه، ومن معه من الأنصار والمهاجرة.
فموقف الرسول كان موقفاً دفاعياً تبرره الشرائع السماوية، والوضعية في مختلف الأمم، وفي جميع العصور.
(١) غزوة أحد: لم تخفف غزوة السويق مصاب القرشيين في بدر، ولم تنسها مقتل ساداتها وكبرائها. ففي شوال من السنة الثالثة للهجرة خرجت قريش بأحابيشها، ومن تابعها من بني كنانة وأهل تهامة في جيش يبلغ عدده ثلاثة آلاف رجل سوى النساء فلما بلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- خبرها عن طريق عمه العباس خرج إليها بعد خلاف في الرأي بين أصحابه لما استشارهم أيدافعون عن أنفسهم، وهم داخل المدينة أم يخرجون إلى العدو؟. وسار حتى نزل بأحد ....
والتقى الجيشان وكادت الدائرة تكون على المشركين لولا أن الرماة الذين وضعهم الرسول على =

<<  <  ج: ص:  >  >>