للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَو رَدَّ عليه غيرُ مَنْ سَلَّمَ عليه يَكْفِ، ولم يُسْقِطْ نيةَ الحَرَجِ عَمَّن سَلَّمَ عليه.

وابتداءُ السلامِ سنَّةٌ الكِفَاية أَيْضاً، حتَّى إذا لَقِيَ جَماعةٌ جماعةً فَسَلَّمَ أَحَدُ هؤلاءِ على أَحَد هَؤُلاَء كفى ذلك لإقامة السُّنَّةِ.

ومن سَلَّمَ في بَعْضِ الأَحْوَالِ التي لا يُسْتَحَبُّ فيها السلامُ -لم يستحقَّ الجوابَ، فمنها أطلق صاحب الكتاب هاهنا.

وفي "الْوَسِيطِ": أَنَّهُ لا يُسَنُّ السلامْ على المُصَلِّي، ولم يمنع منه المُتَوَلِّي في "التَّتِمَّةِ"، ولَكِنْ قال: إذا سَلَّمَ على المصلِّي فلا يُجِيبُ حتَّى يفرغ من الصَّلاةِ، ويجوزُ أَنْ يُجِيبَ في الصلاة بالإِشَارَةِ.

وإِنْ قال في الصلاةَ: عَلَيْكُمْ السلامُ -بطلتْ صلاتُه، وإِنْ قال عَلَيْهِمْ السلامُ لم تَبْطُلْ، وقد سبق هذا في "الصَّلاَةِ".

ومنها لا يُسْتَحَبُّ السلامُ على مَنْ يَقْضِي حاجَتَهُ، بل كان القربُ مِنْه، ومُكَالمتُه بَعِيدٌ عن الأدب، والمُرُوءَةِ، ويروى النَّهْيُ عنه في الخبر (١).

ومنها لا يُسْتحب لمن دخل الحمَّامَ أَنْ يُسَلِّمَ على مَنْ فيه؛ لأَنَّهُ بيت الشيطان، وليس مَوْضِعَ التحيَّة؛ ولأنهم في الدَّلْكِ، والتَّنْطِيف؛ ولا تليقُ التحيةُ بحالهم.

ومِنْها لا يُسَلِّمُ على المشْغُولِ بالأَكْلِ، وكذلك ذكره الشيخ أَبُو مُحَمَّدٍ، وأطلقه صاحبُ "التَّتِمَّةِ"، ورأى الإمامُ حَمْلَ ذلك على ما إِذَا كانتِ اللقْمةُ في فِيهِ، وكان يمضي زمانٌ في المضْغِ والابْتِلاَعِ، ويعسرُ عليه الجوابُ في الحالِ.

أَمَّا إذا وقع السَّلامُ بَعْدَ الابتلاعَ، وقَبْل وضْعِ لقمة أخرى في الفَمِ -فلا يتوجه


(١) أخرجه ابن ماجة [٣٥٢] من حديث جابر: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر عليه رجل وهو يبول، فسلم عليه، فقال له النبي-صلى الله عليه وسلم-: إذا رأيتني على مثل هذه الحالة فلا تسلم علي، فإنك إن فعلت لم أرد عليك، وروى مسلم من حديث الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر: أن رجلاً سلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يبول، فلم يرد عليه، ورواه البزار وأبو العباس السراج وأبو محمد بن الجارود، من رواية سعد بن سلمة بن أبي الحسام عن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر نسبه السراج، عن نافع عن ابن عمر: أن رجلاً سلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يبول، فرد عليه، ثم قال له: إذا رأيتني هكذا، فلا تسلم عليّ، فإنك إن تفعل لا أرد عليك، زاد السرج: إنه لم يحملني على السلام عليك إلا أني خشيت أن تقول: سلمت عليه، فلم يرد علي السلام، ورواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن أبي بكر بن عبد الرحمن نحوه، وقال عبد الحق: حديث مسلم أصح، ثم قال: لعله كان ذلك في موطنين، وعن المهاجرين قنفد قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يبول، فسلمت عليه، فلم يرد علي حتى توضأ، ثم اعتذر إلي، فقال: إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر، رواه أبو داود والنسائي والحاكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>