للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنعُ، ولا مَنْعَ من السلام على مَنْ هو في مُسَاوَمةٍ أو مُعَامَلةٍ، وإِلاَّ فلا يحصل إِفْشاءُ السلامِ، والنَّاسُ في أَغْلبِ الأَحْوالِ في أَشْغَالهم.

هذا ما تعرَّضَ له في الكِتَاب ونتبعه بمسائِلَ أَوْرَدَ أَكْثرها صَاحِبُ "التتمة" في "كتاب الجمعة". ولا بُدَّ في السَّلاَمِ والجَواب بقدْرِ ما يحصل به الإسْمَاعُ. وصِيغَتُه "السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ"، ويَقُومُ مقامَهُ "سَلامٌ عليكُمْ". وقال الإمامُ: وكذا "عَلَيْكُمُ السَّلاَمُ".

وفي التتمَّةِ: أَنَّهُ لو قال: "عَلَيْكُمُ السَّلامُ"، لم يكن مُسَلِّماً (١) إِنَّما هو صِيغَةُ جوابٍ، ويُرَاعِي صِيغَةَ الجمْعِ وَإِنْ كان السلامُ على وَاحِدٍ خِطَاباً له ولملائِكَتِه، ولو لم يأْتِ بِصِيغَةِ الجمْعِ حصل أصلُ السُّنَّةِ، وصيغةُ الجَوَابِ "وَعَلَيْكُمُ السَّلاَمُ" أو "وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ" للواحِدِ، ولو ترك حَرْفَ العطْفِ وقال: عَلَيْكُمْ السَّلاَمُ، ففي "النِّهَايَة" أنه يَكْفِي ذلك، ويكونُ جَواباً، والأحْسَنُ أن يُدْخِلَ حَرْفَ العَطْفِ.

وفي "التتمَّةِ" أَنَّهُ ليسَ بِجَوابٍ (٢)، وأَنَّهُ لو تَلاَقَى اثْنَانِ، فَسَلَّمَ كُلُّ واحدٍ منهما على الآخرِ -وجب على كُلِّ وَاحِدٍ منهما جَوَابُ الآخر، ولا يَحْصُلُ الجوابُ بالسَّلاَمِ، وإِن ترتب السَّلاَمَانِ (٣). ولو قال المُجِيبُ: وَعَلَيْكُمْ، قال الإِمَامُ: الرأيُ عِنْدَنا أَلاَّ نَكْتَفِي بهذا فَإِنَّهُ ليس فيه تَعَرْض للسَّلامِ.

ومنهم مَنْ قال: إِنَّهُ يكونُ جَواباً لِلْعَطْفِ، ورجوعُه إلى قوله: السلام.


(١) قال النووي: الصحيح أنه تسليم يجب فيه الرد، كما قال الإِمام، وممن قال أيضاً إنه تسليم أبو الحسن الواحدي من أصحابنا، ولكن يكره الابتداء به، نص على كراهته الغزالي في الإحياء ويدل عليه الحديث الصحيح في سنن أبي داود والترمذي عن أبي جري بضم الجيم تصغير جرو رضي الله عنه، قال: قلت: عليك السلام يا رسول الله، قال: لا تقل: "عليك السلام، فإن عليك السلام تحية الموتى" والله أعلم.
والحديث أبو داود (٤/ ٣٥٣) في كتاب الأدب/ باب كراهية أن يقول عليك السلام -حديث (٥٢٠٩). والترمذي (٥/ ٧٢) في كتاب الاستئذان/ باب ما جاء في كراهية أن يقول عليك السلام مبتدئاً، حديث (٢٧٢٢). وقال حسن صحيح. والنسائي في عمل اليوم والليلة ص ٢٨١.حديث (٢١٨).
(٢) قال النووي: الصحيح المنصوص وقول الأكثرين أنه جواب.
(٣) قال النووي في زوائده: قد قاله أيضاً شيخه القاضي حسين، لكن أنكره الشاشي فقال: هذا يصلح للجواب، فإن كان أحدهما بعد الآخر كان جواباً، وإن كانا دفعة، لم يكن جواباً، هذا كلام الشاشي، وتفصيله حسن وينبغي أن يجزم به والله أعلم.
ما استحسنه النووي هنا صححه في شرح المهذب. انتهى.
وقال في الأذكار إنه الصواب، وقال الشيخ البلقيني: رأيت في تعليق القاضي الحسين في باب صلاة الجمعة ما يخالف ما نقل النووي عنه، قال رضي الله عنه: ولو أنه جاء إليه إنسان وقال: السلام عليكم، وهذا أيضاً قال: السلام عليكم، قال رضي الله عنه: يجب أن يقال يتقابلان ويسقط به الجواب، وهو يبني عما فضله الشاشي.

<<  <  ج: ص:  >  >>