للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قال: عَلَيْكُمْ -لم يكن جَوَاباً بلا خِلاَفٍ، وكمالُ السلام أَنْ يَقُولَ: السَّلاَمْ عَلَيْكُمْ ورحمةُ الله، وكما أَنَّ الجوابَ أَنْ تَقُولَ: وَعَلَيْكُمْ السلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه (١).

وينبغي أَنْ يكونَ الجَوابُ متَّصِلاً بالسلامِ أيضاً ليرعى مثله بين الإِيجَابِ والقبول في العُقُود. وفي "التتمة": أَنَّهُ لو نَادَاهُ مِنْ ورَاءِ سترٍ أَوْ حائطٍ وقال: السلامُ عليك يا فُلانُ، أو كتب كتاباً وسَلَّمَ فيه عليه، أَوْ أَرْسَلَ رَسُولاً فقال: سَلَّمْ على فُلاَنٍ فبلغَهُ الكتابُ والرسالةُ -وجبَ عليه الجوابُ؛ لأنَّ تحيَّة الغائِبِ إِنَّمَا تكون بالمُنَادَاةِ أو الكتابِ أو الرِّسَالةِ؛ وقد قال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ} الآية [النساء: ٨٦]، وأَنَّ ما يعتادُه بعضُ النَّاسِ مِنَ السَّلامِ عند القِيَامِ، ومُفَارقَةِ القوم- دُعَاءٌ لا تحِيَّة، فيستحب الجوابُ عنه ولا يجِبُ.

وأَنَّهُ يكره أن يخصَّصَ طائفةً من الجمع بالسلام.

وأَنَّهُ لو سَلَّم عليه جماعةٌ، فقال: وعليكم السَّلاَمُ، وقصد الرَّدَّ عليهم جَمِيعاً -جاز، وسَقَطَ الفَرْضُ في حَقِّ الكُلِّ كما لو صَلَّى على جَنَائِزَ صلاةً واحدةً.

وأنَّ المُسْتحبَّ أن يُسَلِّمَ الراكبُ على الماشِي، والمَاشِي على الجالِسِ، والطَّائِفَةُ القَلِيلَةُ على الكَثِيرة (٢)، ولا يُكْره أَنْ يَبْتدِأ الماشي، والجالس (٣).

وأَنَّ في السَلامِ على الأَصَمِّ يأتي باللَّفْظِ لقُدْرَتِه عليه، وُيشِيرُ باليد لَيحْصُلَ الإفهامُ، ولو لم يَضُمَّ الإشارةَ إلى اللَّفْظِ لم يستحق الجواب، وكذا في جَوابِ الأَصَمِّ


(١) قال النووي في زوائده: قد قال الماوردي وغيره: إن الأفضل في الابتداء: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وفيه حديث حسن ولو قال المجيب: السلام عليكم، أو سلام عليكم، كان جواباً، والألف واللام أفضل. والله أعلم.
وهو من حديث عمران بن حصين أن رجلاً جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: السلام عليكم، فرد عليه ثم جلس، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر، ثم جاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه فجلس، فقال عشرون، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه فجلس، فقال: ثلاثون.
أحمد في المسند (٤/ ٤٣٩)، والدارمي في السنن (٢/ ٢٧٧) في الاستئذان، وأبو داود (٤/ ٣٥٠) في كتاب الأدب/ باب كيف السلام -حديث (٥١٩٥). والترمذي (٥/ ٥٢) في الاستئذان/ باب ما ذكر في فضل السلام (٢٦٨٩) وقال حسن صحيح غريب من هذا الوجه. والنسائي من طريق أبي داود في عمل اليوم والليلة ص ٢٨٧ حديث (٣٣٧).
(٢) هو لفظ حديث أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي هريرة بلفظ: "والقليل على الكثير" وفي رواية: "يسلم الصغير على الكبير".
(٣) قال النووي: وكذا لا يكره ابتداء الكثيرين بالسلام على القليل، وإن كان خلاف السنة، والسنة أن يسلم الصغير على الكبير، ثم هذا الأدب فيما إذا تلاقيا، أو تلاقوا في طريق، فأما إذا ورد على قاعد، أو قعود، فإن الوارد يبدأ، سواء كان صغيراً أو كبيراً، قليلاً أو كثيراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>