للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُصْطَلَقِ (١)، وأمر بالبَيَاتِ، ونَصبَ المنْجَنِيق على أَهْلِ الطائف.

وروي أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عن المشْرِكِين يَبِيتُون فيُصابُ مِنْ نِسَائهم وذَرَارِيهم، فقال: "هُمْ مِنْهُمْ" (٢) إذا عُرِفَ ذلك ففي الفَصْلِ صُوَرٌ:

إِحْدَاهَا: لو تَتَرَّسُوا بالنساءِ والصبيان، نُظِرَ إِنْ دَعتِ الضرورةُ إلى الرَّمْي والضرْبِ بأن كان ذلك في حال التحامِ القِتَال، ولو تُرِكُوا لغلبوا المسلِمينَ، فيجوز الرمْيُ والضرْبُ، لَئِلاَّ يتخِذُوا ذلك ذَرِيعَةً إلى تعطيل الجهادِ، ولدفع ضَرَرِهم بالمسلمين ونَكَايتِهم فيهم، وإنْ لم تكن ضرورة بأن كانوا يَدْفَعُون عن أنْفُسهم، واحتملَ الحالُ تركَهُم فطريقان:

أَظْهُرهُمَا: أَنَّ فيه قولَيْن:


= الأحاديث الواردة في تحريم القتل أن معناها أنه يحرم نصب القتال عليهم وقتالهم بما يعم كالمنجنيق وغيره إذا أمكن إصلاح الحال بدون ذلك بخلاف ما إذا تحصنوا بغيرها فإنه يجوز قتالهم بكل وجه قال وقد نص الشَّافعي على هذا التأويل في سير الواقدي قال صاحب الخادم: الذي في سير الواقدي يضع نصب القتال العام فيها كما قاله القفال، وعبارته في باب الحربي إذا لجأ إلى الحرم ولو أن قوماً من أهل الحرب لجؤوا إلى الحرم وكانوا ممتنعين به أخذوا كما يؤخذون في غير الحرم، فإن قيل كيف زعمت أن الحرم لا يمنعهم وقد قال عليه الصلاة والسلام في مكة هي حرام لم تحل لأحد قبلي ولم تحل لي إلا ساعة من نهار، قيل أما معنى ذلك والله أعلم أنها لم تحل أن ينصب عليها الحرب حتى تكون كغيرها، فإن قيل ما دل على ما وصفت قبل أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما قتل عاصم بن ثابت وخبيب وحسان بقتل أبي سفيان في داره غيلة بمكة أن قدر عليه، وهذا في الوقت الذي كانت فيه محرمة فدل على أنها لا تمنع أحداً من شيء وجب عليه وأنها إنما تمنع أن ينصب عليها الحرب كما ينصب على غيرها هذا لفظه وكلام القفال صحيح ولا يخالف كلام الشَّافعي وكأن الشيخ محيي الدين رحمه الله تعالى اعتقد أن كلام الشَّافعي مخصوص بأن ينصب عليها بما يعم كالمنجنيق وكلام الشَّافعي لا يختص بهذه الحالة وهي ممنوعة بطريق الأولى ومن جملة ما حكاه في شرح المهذب عن الماوردى في الأحكام السلطانية من خصائص الحرم أن لا يحارب أهله، فإن بغوا على أهل العدل فقال بعض الفقهاء يحرم قتالهم بل يضيق عليهم حتى يرجعوا، وقال الجمهور يقاتلون على بغيهم إذا لم يمكن ردهم إلا بالقتال لأن قتالهم حق من حقوق الله تعالى التي لا يجوز إضاعتها فحفظها في الحرم أولى من إضاعتها.
(١) متفق عليه البخاري [٢٥٤١] مسلم [١٧٣٠] من حديث ابن عمر: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أغار علي بني المصطلق، وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلهم، وسبي ذراريهم.
(٢) قال الحافظ: وإنما اتفقا في الصحيحين البخاري [٣٠١٢] مسلم [١٧٤٥] على حديث الصعب بن جثامة: قال البيهقي [٩/ ٧٨]: هذا ما ورد في إباحة التبييت، وكان الزهري يدعي أنه منسوخ، وأنكره الشَّافعي عليه، وقال ابن الجوزي: النهي محمول على التعمد، وحديث الصعب فيما لم يتعمد فلا تناقض.

<<  <  ج: ص:  >  >>