للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني؛ وبه قال أبو حَنِيْفَةَ -لا يجوز؛ لأنَّ لِلْإمَام نَظَراً في تَعْيينِ الأَبْطَالِ والأَقْرَانِ، فلا يُفَوتُ عليه، وبنى على الخلاف أَنَّه لو أَمَّنَ المُسْتَبِدُّ بالمُبَارَزَةِ قِرْنَهُ هل يصح أمانه؟

والكَلاَمُ فِي أَمَانِ المبَارِزِ أَخَرَّهُ إلى "باب الأمان".

الثانية: في نَقْلِ رُؤُوسِ الكُفَّارِ إلى بِلاَدِ المسلمين، وجهان:

أحدهما: لا يُكْرَهُ؛ لأَنَّ أبا جَهْلِ لمَّا قُتِلَ، حُمِلَ رَأْسُهُ (١).


(١) قال الحافظ قال العراقيون: ما حمل رأس كافر قط إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحمل إلى عثمان رؤوس جماعة من المشركين، فأنكره، وقال: ما فعل هذا في عهد رسول الله، ولا في أيام أبي بكر، ولا عمر، قالوا: وما روي من حمل الرأس إلى أبي بكر فقد تكلم ثبوته، انتهى، أما حمل رأس أبي جهل فرواه أبو نعيم في المعرفة من طريق الطبراني في ترجمة معاذ بن عمرو بن الجموح وأن ابن مسعود حزها وجاء بها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورواه ابن ماجة [١٣٩١] من حديث ابن أبي أوفى: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى يوم بشر برأس أبي جهل: ركعتين، إسناده حسن، واستغربه العقيلي، وروى البيهقي عن علي قال: جئت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- برأس مرحب، وفي مراسيل أبي داود عن أبي نضرة العبدي قال: لقي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العدو، فقال: من جاء برأس، فله على الله ما تمنى، فجاءه رجلان برأس -الحديث- قال أبو داود: في هذا أحاديث ولا يصح منها شيء، قال البيهقي: وهذا إن ثبت، فان فيه تحريضًا على قتل العدو، وليس فيه حمل الرأس من بلاد الشرك إلى بلاد الإِسلام، ثم روي عن الزهريّ قال: لم يكن يحمل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة رأس قط، ولا يوم بدر، وحمل إلى أبي بكر رأس، فأنكر ذلك، قال: وأول من حملت إليه الرؤوس عبد الله بن الزبير، قلت: وقد روى النسائي وغيره من حديث عبد الله بن فيروز الديلمي عن أبيه قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- برأس الأسود العنسي، وقال أبو أحمد الحاكم في الكنى: هو وهم. لأن الأسود قتل سنة إحدى عشرة على عهد أبي بكر، وأيضاً فالنبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر خروج الأسود صاحب صنعاء بعده، لا في حياته، وتعقبه ابن القطان: بأن رجاله ثقات، وتفرد ضمرة به لا يضره، ويحتمل أن يكون معناه أنه أتى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاصدًا إليه، وافدًا عليه، مبادرًا بالتبشير بالفتح، فصادفه قد مات -صلى الله عليه وسلم-، قلت: وقول الحاكم: إن الأسود لم يخرج في حياته، غير مسلم، فقد ثبت أن ابتداء خروجه كان في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: إنه يخرج بعده، اشتداد شوكته، واشتهار أمره، وعظم الفتنة به، وكان كذلك، وقيل في أثر ذلك، ومع ذلك فلا حجة فيه، إذ ليس فيه إطلاع النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك وتقريره: وقد ثبت عن أبي بكر إنكار ذلك، وروى ابن شاهين في الإفراد له، ومن طريقه السلفي في الطيوريات، قال نا محمد بن هارون نا محمد بن يحيى القطعي حدثني عبد الله بن إسحاق بن الفضل بن عبد الرحمن حدثني أبي عن صالح بن خوات عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري: أن أول رأس علق في الإِسلام رأس أبي عزة الجمحي ضرب رسول الله عنقه، ثم حمل رأسه على رمح، ثم أرسل به إلى المدينة، وأما الحمل إلى عثمان: فلم أره، نعم ورد في حمل الرؤوس إلى أبي بكر؛ لكنه أنكره كما تقدم، وأخرج البيهقي من حديث عقبة بن عامر أن عمرو بن العاص، وشرحبيل ابن حسنة، بعثا عقبة بريدًا إلى أبي بكر برأس يناق بطريق الشام، فلما قدم على أبي بكر أنكر ذلك، فقال له عقبة: يا خليفة =

<<  <  ج: ص:  >  >>