للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُذْبَحُ وَيُؤْكَلُ وَيُرَدُّ جِلْدُهُ إِلَى المَغْنَمِ* وَلاَ يَجِبُ قِيمَةُ اللَّحْمِ وَإِنْ أَمْكَنَ سَوْقُ الغَنَمِ عَلَى أَظْهَرِ الوَجْهَيْنِ* وَيُبَاحُ الأخْذُ لِمَنْ مَعَهُ طَعَامٌ وَمَنْ لَيْسَ مَعَهُ وَلَكِنْ قَدْرَ الحَاجَةِ* فلوْ أَضَافَ بِهِ مَنْ لَيْسَ مِنَ الغَانِمِينَ فَهُوَ كَتَقْدِيم المَغْصُوبِ إِلَى الضَّيْفِ* وَلَوْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ الدُّخُولِ إِلَى دَارِ الإِسْلاَمِ فَمَا لَهُ قِيمَةٌ رُدَّ عَلَى المَغْنَمِ* وَإِنْ كَانَ قَلِيلاً فَوَجْهَانِ* وَلَوْ لَحِقَ مَدَدٌ بَعْدَ الاِغْتِنَامِ فَفِي جَوَازِ التَّبَسُّطِ لَهُمْ وَجْهَانِ* وَلَوْ لَمْ يَجِدُوا سُوقًا فِي أَطْرَافِ بِلاَدِ الاغْتِنَامِ أَوْ وَجَدُوهُ فِي دَارِ الحَرْبِ فَفِي جَوَازِ الأَخْذِ وَجْهَانِ* وَاِذْا أَخَذَ ثُمَّ أَقْرَضَ غانِمًا آخَرَ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِمثْلِهِ مِنَ المَغْنَم مَا دَامُوا فِي الحَرْبِ وَلاَ يُطَالِبُهُ مِنْ خَاصِّ مِلْكِهِ* وَقِيلَ: إنَّهُ لاَ يُطَالِبُهُ وَكَأَنَّ المُسْتَقْرِضَ أخَذَهُ.

قال الرَّافِعِيُّ: من أحكام الغَنِيمَةِ أَنَّهُ يجوز التَّبَسُّطُ بِتَنَاولِ أَطْعِمَتِهَا قبل القِسْمَةِ، وتُعْلَفُ الدَّوَابُّ من غير عِوَضٍ؛ لما روي عن ابن عُمَرَ -رضي الله عنه- أنّ جَيْشًا غنموا طَعَامًا وعَسَلاً على عَهْدِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يؤخذ منهم الخُمُسُ، يعني مما تَنَاوَلوه (١).

وعن ابن عُمَرَ -رضي الله عنه- قال: "كُنَّا نُصِيبُ في مَغَازِيِنَا العَسَلَ والعِنَبَ فنأكله" ولا ندفعه (٢). وعن عَبْدِ الله بن أَبي أوْفَى -رضي الله عنه- أنَّهُ قال: أَصَبْنَا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بـ"خيبر": طَعَامًا، وكان كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَأْخُذُ منه قَدْرَ كِفَايَتِهِ (٣).

والمعنى فيه الحَاجَةُ الدَّاعِيَةُ إليه، فَإِنَّ الطَّعَامَ يَعِزُّ في دَارِ الحَرْبِ، فإِنَّهم لا يبيعون منهم ويخبئون ويُحْرِزُونَ أَطْعِمَتَهُمْ، فجعلها الشَّارعُ على الإِبَاحَةِ.

وأيضاً: فقد يفسر إلى أن ينقل، وقد يَتَعَذَّرُ نَقْلُهَا، أو تَزْدَادُ مُؤْنَةُ نقلها عليها، وَيتَعَلَّقُ بهذه القَاعِدَةِ فُصُولٌ.

إحداها في جنس المَأْخُوذِ والمنفعة المُجَوِّزَة للأخذ والجنس وهو القُوتُ وما يصلح له القُوتُ واللَّحْمُ والشَّحْمُ، وكُلُّ طعامٍ يُعْتَادُ أكْلُهُ على العُمُوم، ولعَلَفِ الدواب التِّبْنُ والشَّعِيرُ وما في مَعْنَاهُمَا.

وحكى الإِمام وَجْهَيْن فيما يُؤْكَلُ غالباً، لكنَّه ليس من الأَقْوَاتِ كالفَوَاكِهِ، وَجْهُ المَنْعِ أَنَّهُ لا يَتَعَلَّقُ بها حَاجَةٌ حَاثَّةٌ، ووجه الجَوَازِ ما رَوَيْنَا من العِنَبِ والعَسَلِ (٤).


(١) رواه أبو داود [٢٧٠١] وابن حبان [١٦٧٠] والبيهقي [٩/ ٥٩] من حديث ابن عمر، ورجح الدارقطني وقفه.
(٢) رواه البخاري [٣١٥٤] بهذا.
(٣) رواه أبو داود [٢٧٠٤] والحاكم [٢/ ١٢٦ - ١٣٣ - ١٣٤] والبيهقي [٩/ ٦٠].
(٤) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>