للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المَغْنَمِ* وَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ حُطَّ عَنْهُ قَدْر حِصَّتِهِ.

قال الرَّافِعِيُّ: ذكر في "الوسيط" مفرّعًا على الخِلاَفِ المذكور في مِلْكِ القِسْمَةِ ثلاث مسائل:

إحداها: فيما إذا سَرَقَ بَعْضُ الغانمين من الغنيمة.

والثانية: فيما إذا وَقَعَ في المَغْنَمِ بَعْضُ من يعتق على بعضهم.

والثالثة: فيما إذا وَطِئَ بَعْضُهُم جَارِيَةٌ من المَغْنَم واسْتَوْلَدَهَا وهاهنا ذكر أنه يَتَفَرَّعُ على الأقوال مَسَائِل الأولى كذا لكنه لم يعقب الأولى بثانية وثالثة بل أهمل الأُولَى، وأَخْلَطَ الكلام في عِتْقِ القريب بالاسْتِيلاَدِ، ويمكن تَنْزِيلُ المَسَائِلِ على غير ما رتب في "الوسيط" وحملها على صوَرِ الكتاب، وإن لم يَتَلَفَّظْ بالثانية والثالثة، ونحن نُورِدُ فِقْهَ المَسَائِلِ الثلاث مُتَوَجِّهِينَ للاخْتِصَارِ:

أما الأولى: فإذا سَرَقَ أحَدُ الغانمين من مَالِ الغَنِيمَةِ قبل إفْرَازِ القِسْمَةِ، لم يقطع حُرًّا كان أو عَبْدًا؛ لأن له في خُمُسِ الخُمُسِ حَقًّا, ولأن له في الأَخْمَاسِ الأَرْبَعَةِ حَقًّا، وإن أَفْرَزَ الخمس، فإن سرق منه لم يُقْطَعْ أيضاً للمعنى الأَوَّلِ، وإن سَرَقَ من الأَخْمَاسِ الأربعة، فإن سَرَقَ قَدْرَ نَصِيبِهِ أو أَقَلَّ أو أكثر لكنه لم تبلغ الزِّيَادَةُ نِصَاباً لم يُقْطَعْ، وإن بَلَغَتْ فوجهان:

أحدهما: أنه يُقْطَعُ، وهذا الوجه ذَكَرْنَاهُ في أن أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذا سَرَقَ من المَالِ المشترك ما يَزِيدُ على نَصِيبِهِ بِنِصَابٍ يُقْطَعُ.

وأظهرهما: أنه لا يُقْطَع، وإن حكمنا هناك بالقَطْع؛ لأن حَقَّ كل واحد من الغانمين [متَعَلِّقٌ بجميع المَغْنَمِ؛ لأنه يجوز أن يعرض الباقون] (١) فيكون الكُلُّ له، وعلى كُلِّ حال فيسترد المسروق إن كان بَاقِيًا، وبَدَلَهُ إن كان تَالِفًا، ويجعل في الغَنِيمَةِ، ومن غَلَّ في الغنيمة من الغانمين عُزِّرَ، والذي رَوَى أن رَجُلاً غَلَّ في الغَنِيمَةِ فَأحْرَق النبي -صلى الله عليه وسلم- رِجْلَهُ.

قال الشَّافعي -رضي الله عنه-: لو صَحَّ لَقُلْتُ (٢) به، ويريد أنه لم تظهر صِحَّتُهُ، وبتقدير الصِّحَّةِ فقد حمل على أنه كان ذلك في مَبْدَأ الأمر، ثم نُسِخَ، وإن سرق غير الغانمين، نُظِرَ إن كان له في الغَانِمِينَ وَلَدٌ أو والد أو عبد، فهو كسرقة الغَانِم، وإلا فإن سَرَقَ قبل إِفْرَازِ الخُمُسِ، فهو كما لو سَرَقَ مَالَ بَيْتِ المال؛ لأن فيه مالاً لبيت المال


(١) سقط في ز.
(٢) أخرجه أبو داود [٢٧١٥] والحاكم [٢/ ١٣١] والبيهقي [٩/ ١٠٢] من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر أحرقوا متاع الغال، وضربوه، ومنعوا سهمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>