وإن سرق بعد إفْرَازِ الخُمُسِ، فإن سرق من الأَخْمَاسِ الأربعة قُطِعَ، وإن سرق من الخمس قَبْلَ أن يخرج خُمُسُهُ، أو سرق من خُمُسِ المصالح بعد إِفْرَازِهِ، فهو كَسَرِقَةِ مَالِ بَيْتِ المال، وإن سَرَقَ من أربعة أخماسه، لم يُقْطَعْ، إن كان من أَهْلِ اسْتِحْقَاقِهَا، وإلا فوجهان:
أظهرهما: القَطْعُ.
ووجه الآخر: أَنه يَجُوزُ أن يَصِيرَ من أَهْلِ اسْتِحْقَاقِهَا.
وأما المَسْأَلَتَانِ الأخريان [فالرَّأْي](١) أن نذكر مَسْأَلَةَ الوَطْءِ والاستيلاد، ثم مسألة عِتْقِ القريب، وكذلك وَقَعَتَا في كلام الشَّافِعِيِّ -رضي الله عنه- فإذا وَطِئَ أَحَدُ الغانمين جَارِيةً من الغنيمة قبل القسْمَةِ، فلا حَدَّ عليه خِلاَفًا لمالك، ويُوَافِقُهُ قَوْلٌ قديم مَذْكُورٌ في وَطْءِ أَحَدِ الشريكين الجَارِيَةَ المشتركة.
ووجه المذهب أن له فيها مِلْكًا أو شُبْهَةَ مِلْكٍ، فيدفع الحد، كما في وَطْءِ الأَبِ جَارَيةَ الابْنِ، وُيعَزَّرُ إن كان عَالِماً بالتحريم، وإن كان جاهلاً لِقُرْبِ عَهْدِهِ بالإسْلاَمِ، فينهى عنه ويُعَرَّفُ الحُكْمُ، وإذا لم يتعلق به الحَدُّ، فيتعلق به المَهْرُ، وينظر إن كان الغَانِمُونَ مَحْصُورِينَ يَتَيَسَّرُ ضَبْطُهُمْ، فقد ذكر القاضي ابْنُ كَجٍّ والإمام أن حُكْمَ المَهْرِ يُبْنَى على الخِلاَفِ في أن الغَنِيمَةَ هل تُمْلَكُ قبل القِسْمَةِ؟. إن قلنا: لا، فعليه تَمَامُ مَهْرِ المِثْلِ، يؤخذ ويجعل من المَغْنَمِ، ويقسم كما تُقَسَّمُ الغنيمة.
وإن قلنا: إن كُلَّ واحد يَمْلِكُ بقدر حِصَّتِهِ غُرِّمَ من المَهْرِ حِصَّةَ الخُمُسِ، وحِصَّةَ غيره من الغَانِمِينَ، ويَسْقُطُ منه حِصَّتُهُ. وهذا هو المَنْصُوصُ، وظاهر المَذْهَب، لا من جهة الأَصْلِ المذكور، فقد ذكرنا أن الظَّاهِرَ أن الغَنِيمَةَ لا تملك قبل القِسْمَةِ، ولكنه يوجه بأنه وَطِئَ في غير مِلْكٍ سقط فيه الحَدُّ، ويجب المَهْرُ كَوَطْءِ الأب جَارَيةَ الابن، وإنما يَسْقُطُ قِسْطُهُ؛ لأن المَهْرَ مَقْسُومٌ كالغَنِيمَةِ، فلا معنى لأخذ قِسْطِهِ، وردّه عليه.
قال الإِمام: وقَضِيَّةُ الوَجْهِ الذي نقله صاحب "التقريب" أن مَنْ وَقَعَ في حِصَّتِهِ شَيْءٌ من المَغْنَم تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مَالِكًا ذلك الشيء أن يقال: إن وقعت الجَارَيةُ في حِصَّةِ غير الوَاطِئِ، فعليه تَمَامُ المَهْرِ، وإن وقعت في حِصَّةِ الوَاطِئ [فلا شيء عليه] وقد حكاه القاضي ابْنُ كَجٍّ قولاً عن رِوَايَةِ أبي الحُسَيْنِ، والظاهر ما سَبَقَ، وجعلوا صَيْرُورَتَهَا له بِمَثَابَةِ ما إذا وَطِئَ جَارَيةَ غَيْرِهِ، ثم ملكها بشراء أو غيره، فإن كان الغانمون غَيْرَ مَحْصُورينَ، فالمراد أن يعسر ضَبْطُهُمْ لكثرتهم، نظر إن أَفْرَزَ الإِمَامُ الخُمُسَ، وعَيَّنَ لكل طَائِفَةٍ شَيْئاً، وكانت الجَارِيةُ مُعَيَّنةَ لجماعة مَحْصُورِينَ، فإن وَطِئَ بعدما اخْتَارُوا