للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُرْوَى عن أم هَانِيءٍ -رَضِيَ اللهُ عَنهما- قالت: أَجَرْتُ رَجْلَيْنِ من أحْمَايَ، فقَالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتِ" (١).

ويَدْخُلُ فيهِ أَيْضًا الفَقِيرُ والمَحْجُورُ عليه [بالسَّفَهِ، والفلس] (٢) والمَرِيضُ، والشيخُ الهَرِمُ، والفَاسِقُ، فيجوز أَمَانُهُمْ، وعن ابن أبي هُرَيْرَةَ: وَجْهٌ في الفَاسِقِ. لكنَّهُ نوعٌ ولايَةٍ، ويخرجُ عن الضبط الكَافِرُ، فلا (٣) يصحُّ أمَانُهُ؛ لأنَّه مُتَّهَمٌ، ولَيْسَ من أهل النظر للمُسْلِمِينَ، ويخرجُ الصَّبِيُّ، والمَجْنُونُ، فلا (٤) اعتبارَ بعبارتِهما، وفِي الصَّبيِّ المُمَيِّزِ وَجْهٌ؛ لأنَّهُ عَقْدٌ لا ضِرَارَ فيهِ، ولا تَبِعَةَ، وهو كالتدبير [والوصية، وهذا الوجه حِكَايَةُ القاضي ابن كَجٍّ عن أبي الحُسَيْنِ، عن أبي بكر به. الخَفَّافِ، من أصحابنا مَبْنِيّاً على صِحَّةِ إِسْلاَمِهِ] (٥) ويُعْتَبَرُ مع الإسْلاَم والتكليفِ الاخْتِيَارُ، فالمكره على عَقْدِ الأَمَانِ لا يَصِحُّ أَمَانُهُ والأَسِيرُ قَرِيبٌ من المُكْرَهِ، وسيأتي حُكْمُ أَمَانِهِ من بَعْدُ، إنْ شَاءَ اللهُ تعالى.

قال الغَزَالِيُّ: وَيَنْعَقِدُ باللَّفْظِ وَالكِتَابَةِ وَالإِشَارَةِ المُفْهِمَةِ* فَإِنْ رَدَّ الكَافِرُ ارْتَدَّ* وَإِنْ قَبِلَ صَحَّ* وَلاَ يَكْفِي سُكُوتُهُ بَلْ لاَ بُدَّ مِنْ قَبُولٍ وَلَوْ بِالفِعْلِ* فَلَوْ أَشَارَ عَلَيْهِمْ مُسْلِمٌ فِي صَفِّ الكُفَّارِ فَانْحَازَ إِلَى صَفِّ المُسْلِمِينَ وَتَفَاهَمَا الأَمَانَ فَهوَ أَمَانٌ* وَإِنْ ظَنَّ الكَافِرُ أنَّهُ أَرَادَ الأَمَانَ وَالمُسْلِمُ لَمْ يُرِدْهُ فَلاَ يُغْتَالُ بَلْ يُلْحَقُ بِمَأْمَنِهِ* وَلَوْ قَالَ: مَا فَهِمْتُ الأَمَانَ


= سواهم، تتكافأ دماؤهم، ويجير عليهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم، ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث ابن عمر مطولاً، ورواه ابن ماجة من حديث معقل بن يسار مختصرًا: المسلمون يد على من سواهم، تتكافأ دماؤهم، ورواه الحاكم عن أبي هريرة مختصرًا: المسلمون تتكافأ دماؤهم.
(١) الترمذي [١٥٧٩] من حديثها بهذا، وأصله في الصحيحين البخاري [٢٨٠ و ٣٥٧ - ٣١٧١ و ٦١٥٨] مسلم [٣٣٦] أتم من هذا، وفيه قصة، ولفظه: قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ، واستدل به على أن مكة فتحت عنوة، إذ لو فتحت صلحًا ما احتيج إلى هذا (تنبيه) الرجلان هما الحارث بن هشام وعبد الله بن أبي ربيعة، كذا ساقه الحاكم في ترجمة الحارث بن هشام بسند فيه الواقدي، وكذا رواه الأزرقي عن الواقدي عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة عن أم هانئ فذكر الحديث، وفي آخره: وكان الذي أجارت عبد الله بن أبي ربيعة والحارث بن هشام، ورواه الموطأ والصحيحان، وفيه: قاتل رجلاً أجرته فلان بن هبيرة، واسم أم هانئ فاختة، كذا في الطبراني أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لها: مرحباً بفاختة أم هانئ، وادعى الحاكم تواتره، وقيل: اسمها هند قاله الشَّافعي، وقيل: فاطمة حكاه ابن الأثير، وقيل: عاتكة حكاه ابن حبان وأبو موسى، وقيل: جمانة حكاه الزبير بن بكار، وقيل: رملة حكاه ابن البرقي، وقيل: إن جمانة أختها، وقيل: ابنتها.
(٢) في ز: بالفلس.
(٣) في ز: ولا.
(٤) في ز: ولا.
(٥) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>