للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأرْسلْتَهُ وذكرْتَ اسْمَ اللهِ، فكُلْ مما أمسَك عليكَ، ولم يَأْكُلْ" فجمع بين الكلبِ والبازِيّ.

الثَّالِثَة؛ مَعَضُّ الكلْبِ من الصيد نَجِسٌ، وفي العَفْوِ عنه وجهان: كذا قال أكثرُهُم.

وقَالَ الصَّيْدَلاَنِيُّ: قولاَن مَنْصُوصَانِ:

أَحدُهُمَا: أنه يُعْفَى عنه للحاجة، وعُسْرِ الاحْتِرَازِ، وأصحُّهُمَا: المنعُ كما وَلَغَ في الإناءِ، وأصابَ موضِعاً آخرَ، ومنهم من جعلَ الخلاف في أنَّهُ هل يَنْجَسُ ذلك الموضعُ؟ وإذ قُلْنَا: بعدمِ العَفْوِ فوجْهَان:

أَصَحُّهما: أنَّه يَكْفِي فيه الغسلُ والتعفِيرُ كغَيْرِهِ.

والثَّانِي: أنَّه يُقَوَّرُ ذلك الموضعُ، ويُطْرَحُ؛ لأنَّهُ يتشرَّبُ لعابه، فلا يتخلَّلهُ الماءُ.

قَالَ الإمامُ: وهذا القائِلُ يَطَّرِدُ ما ذكره في كُلِّ لحمٍ ومَا في مَعْنَاهُ بعضَّه الكلب عليه بخلافِ الموْضِعِ الذي ينالُهُ لعابُهُ [مِنْ غَيْر عَضٍّ، وعن حكايةِ بعْضِ أَصْحاب القفَّالِ أن ما بالكلب إذا أصاب عِرْقاً نضّاحاً بالدم] (١) يسري حكمُ النجاسةِ إلى جميعَ الصيدِ ولم يَحِلَّ أكلُهُ، وغلظَة الإمامُ في ذلك وقال: النجَاسةُ وإنِ اتَّصَلَتْ بالدمِ فالعِرْقُ وعاءٌ حاجِزٌ بينه وبينَ اللحْم، ثم الدَّمُ إذَا كان يفُور امتنعَ غوصُ النجاسةِ فيه كالماءِ المتصعِّد من فَوَّارَة إذا وقعت نجَاسةٌ على أَعْلاَهُ؛ لم يَنْجُسْ ما تَحتَه وعلى عكْسِه الماءُ المنحدِرُ من الإِبْريقِ، إذَا لاقَى نجاسةً لا ينجسُ ماءُ الإبريق. هذا فِقْهُ الفَصْلِ.

وأمَّا ما يتَعلقُ بلفظِ الكتاب فقولُهُ: "فتحِلّ فريِسَتُهُ" لفظُ "الفَرِيسَةُ" من الفَرَسِ، يُقَالُ: فَرَسَ الأَسَدُ فَرِيسَتهُ، وَأَفْرَسَهَا، أَيْ: دَقَّ عُنُقَهَا ثم كثُرَ استعمالُهُ فَسُمَّيَ كلُّ قتْلٍ فَرساً، وفَرِيسَةُ الكَلْبِ ما قتله الكلْبُ بعضِّه، وجَرْحِه، وقد يُتَوَهَّمُ أنَّ فَرِيسَةَ السُّبُعِ ما أَكَلَ مِنْه، وليس ذلكَ بشرط.

وقولُهُ "مراراً" يجوزُ أن يُعْلَمَ بالواوِ، وأَنْ تُضَافَ إلى الوَاوِ الحاءُ والألفُ لما قَدَّمْنَا (٢). وقولُهُ: "لم يحرُمْ" بالحَاءِ واللاَّمِ.

وقولُه: "لَيْسَ كَالأَكْلِ" بالوَاوِ، وأما قَوْلُهُ "وفَرِيسَةُ الفَهْدِ والنَّمِرِ حرَامٌ، لأنَّه لا يبادر بتركِ الأكْل" مفهومُهُ الظاهِرُ: أنَّ ما يقتُلُهُ الفَهْدُ والنَّمِرُ من الصيدِ حَرَامٌ؛ لأنَّه لا يَصِيرُ مُعَلَّماً؛ لأنَّ أَحد أركانِ التَّعْلِيم تركُ الأكْلِ، وأنَّه لا يترُكهُ لكنَّ هَذَا المفهومَ خلافُ ما نَصَّ عليه الشافِعِيُّ -رضي الله عنه- والأصحابُ فإنهم [قد جعلوا] (٣) الفهدَ، والنمرَ،


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: روينا.
(٣) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>