للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه وجهٌ أَيْضًا حِوَالَةٌ (١) للمخالفةِ على اختيارِه، ويجوزُ أنْ يُعْلَمَ قَوْلُه في الكتاب: "فِيمَا إِذَا قَصَدَ واحداً من السِّرْبِ وأصابَ آخَرَ" بالوَاوِ؛ للطريقةِ القَاطِعةِ. وكذَا قولُهُ: عَقِيبَهُ "فوجْهَانِ مُرَتَّبانِ".

وقَوْلُهُ: "ولو قَصَدَ حَجَرًا فأصَاب ظَبْيَةً" المرادُ منهُ ما إذَا ظنَّه حَجَرًا على ما بَيَّنَّاهُ.

وقولُهُ: " [فَأَوْلَى] (٢) بالتحريم" في مسألةِ الخِنْزِيرِ يجوزُ أَنْ يُعْلَمَ بالحَاءِ؛ لأنَّ عنده يحلُّ إذَا رَمَى إلى ما يظنُّه خِنْزيرًا، ولا يحلُّ إِذَا رَمَى إلى ما يظنُّه حَجَرًا على ما سبَقَ فصورةُ الخِنْزِيرِ عنده أَوْلَى بالحلِّ واللهُ أعلمُ.

قال الغَزَالِيُّ: أَمَّا قَوْلُنَا: حَصَلَ الْمَوْتُ بِهِ أَرَدْنَا أنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمَجْرُوحُ بِافْتِرَاسِ سَبُعٍ أَوْ صَدْمَةٍ لَمْ يَحِلَّ* فَإنْ غَابَ عَنُهُ وَأَدْرَكَهُ مَيِّتًا وَعَلَيْهِ أَثَرٌ آخَرُ لَمْ يَحِلُّ* وَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَثَرًا آخَرَ فَقَوْلاَنِ.

قال الرَّافِعِيُّ: القيْدُ الثالِثُ: حصولُ الموتِ بذلك الجرْح، فلو ماتَ بصدْمَةٍ، أوِ افْتراسِ سَبُعِ أو أعان ذلك الجرحُ غيرَه على ما بيَّنَّا في نظائِرِه -لَم يَحِلَّ.

ولو غابَ عنه الكلْبُ والصيدُ، ثم وجدَه مَيْتًا -لم يحلَّ أيضاً؛ لاِحْتِمالِ أنَّه ماتَ بسبَبٍ آخرَ، ولا أثَر لكونِ الصيدِ مُتَضمَّخًا بدمهِ، فَرُبَّما جرحَه الكلْبُ، وأصابَه جِرَاحَةٌ أُخْرَىَ. وفي كتاب القَاضِي ابْنِ كجٍّ وجهٌ: أنَّه يَحِلُّ، وإن جرَحَهُ ثم غابَ ثم أَدْرَكهُ مَيِّتًا، فإن انتهَى بالجراحَةِ إلى حال حركةِ المذْبُوح -فهو حلالٌ، ولا أَثَرَ لغيبته، وإنْ لم يَنْتَهِ، فإن وُجِدَ في مَاءٍ، أو وُجِدَ عليه أَثَرُ صَدْمَةٍ، أو جِرَاحَةٍ أُخْرَى -لم يحلِّ، وإنْ لم يَكُنْ عليه أَثَرٌ آخَرُ، فظاهِرُ ما نَصَّ عليه فِي "المختَصَرِ" و"الأمِّ" أنَّهُ حَرَامٌ.

وقَالَ في موضعٍ آخرَ: لا يَحلُّ، إلاَّ أن يكونَ جاء عن النبِي -صلى الله عليه وسلم- شيءٌ فيه فإني أتوهَّمُه، فيسقطُ ما خالف أَمْرَهُ، وللأصحابِ ثلاثَةُ طرقٍ:

وأَشهرُهمَا: أن في حِلِّه قولَيْنِ.

وجهُ الحلّ ما رُوِيَ عن أبي ثَعْلَبةَ الخُشَنيّ -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قَالَ: "إِذَا رميْتَ سَهْمَكَ، فغابَ عنك، فأدركته، فكُلْ ما لم يُنْتِن" (٣).

وعن عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: بمعناه، وقال: كُلْهُ إِلاَّ


(١) في ز: جهالة.
(٢) سقط في ز.
(٣) مسلم [١٩٣١] وأبو داود، وأعله ابن حزم بمعاوية بن صالح، وقال البيهقي، حمل أصحابنا النهي على التنزيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>