للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهُ الصحةِ؛ وهو أقربُ للحاجةِ الداعيةِ إليه، وقد ترتفعُ التعبدات بالضرورات والحاجَاتِ، ولذلك صَحَّحْنَا القراضَ والجُعَالةَ على ما فِيهِمَا من الجَهَالة.

وأَنَّهما لو باعَا الحمامَ المُخْتَلِطةَ ولا يدري واحدٌ منهُمَا عين مالِه، فإنْ كانَتِ الأَعْدَادُ مَعْلُومةً كمائتينْ ومائة والقِيمُ مُتَساوية، ووزعنا الثَّمَنَ عَلَى [أَعْدَادِهَا صحَّ بإطباق الأئمة] (١) وإنْ كانَا يجهلانِ الأَعْدادَ لم يصحَّ البيعُ؛ لأنَّه لا يعرِفُ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا ما يستحِقُّه من الثَّمَنِ، والطَّرِيقُ أنْ يَقول كُلُّ واحدٍ منهُما: بعْتُكَ الحمامَ الذي في هذا البُرجِ بكذا، فيكونُ الثمنُ مَعْلُومًا، ويحتمل الجهلُ في المَبِيع للضَّرُورةِ، وفي "الوَسِيط" أنَّهِما لو تصالحا على شَيْءٍ صَحَّ البيعُ، وَاحْتُمِلَ الجهلُ بقدر المبيعُ ويقرب من هذا ما أطلقَ من مقاسمتِهما.

وَاعْلَمْ أَنَّ الضَّرُورَةَ قد تدعُو إلى المُسَامَحةِ في بَعْضِ الشُّرُوطِ المُعْتبرة في العُقُودِ؛ ألا تَرَى أنَّ الكَافِرَ إِذَا أَسْلمَ على أكْثر من أربع نِسْوة وماتَ قبل الاختيار (٢) يَصِحُّ اصطلاحهن على القِسْمَةِ إمَّا بصفةِ التَّسَاوِي أو التَّفَاوُتِ مع الجَهْلِ بالاستحقاقِ فيجوزُ أنْ تصحَّ القسمةُ هاهُنا -أيضاً- بحسب تَراضِيهِمَا، ويجوزُ أن يُقالَ: إذَا قال كلُّ واحدٍ منهُما: بعتُ مَالِيَ من حَمام هذا البُرْجِ. بكذا وصحَّحْناه مع الجهْلِ بالمبيعِ. فإذَا قالاَ: بِعْنَا حمامَ هذا البُرْجِ بكذا، والأعددُ مَجْهُولةٌ -يصحُّ أيضاً مع الجهلِ بما يستحقُّ كلُّ واحدٍ منهُما، والمقصودُ أن ينفصِلَ الأَمْرُ بحسبِ ما يتراضَيَانِ عليه.

ولو باعَ أَحدُهُمَا جَمِيعَ حمام البرجِ بإذْنِ الآخَرِ فيكونُ أصْلًا في البَعْضِ (٣)، ووَكِيلًا في البعض ثم يَقْتَسِمَانِ الثَمن.

ولو اختلطَتْ حمامةٌ مَمْلُوكَةٌ أو حماماتٌ بحماماتٍ مبَاحة مَحْصُورة -لم يَجُزْ الاصْطيادُ منها. ولو اختلَطَتْ بحماماتِ ناحِيَةٍ جازَ الاصْطِيادُ في الناحِيَةِ، ولا يتغيَّرُ حكْمُ مَا لاَ يَنْحَصِرُ في العادَةِ باختِلاَطٍ ما يُحْصَرُ به، وهذا كما أنه إذَا اختلَطتْ أُخْتُه مِنَ الرَّضَاعِ بِنِسْوةٍ لا ينحصِرْن، يجوز له أنْ يتزوَّجَ مِنْهُنَّ، وإنِ اخْتلَطتْ حمامُ أبراجٍ مَمْلُوكةٍ لا يكادَ يُحْصَرُ بحمامِ بلدة أُخْرَى مُبَاحةٍ -فوجهان:

أَحدُهُما: لا يجوزُ الاصطيادُ منها [فإن ما لا ينحصر] (٤) بالاضافة إلى مِثْلِهِ، كما ينحصِرُ بالإضافة إلى مثله.

والثاني: يجوزُ استِصْحَابًا لما كانَ.


(١) في ز: الأعداد بانطباق الأئمة.
(٢) في ز: التعيين.
(٣) في ز: البيع.
(٤) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>