للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُرَّةً غيرَ مثْقُوبَةٍ فهي لِلْمُشْترِي، وإنْ كانَت مَثْقُوبةً فهي للبائِع إنِ ادَّعاهَا- هكذَا أطلقَه في "التَّهذِيب". ويُشْبِهُ أن يِقَالَ إنَّ الدُّرَّةَ تكون لمن اصْطَادَ السمَكَةَ، كما أنَّ الكَنْزَ الذي يُوجَدُ في الأَرْضِ يكونُ لمُحْيِي الأَرْضِ (١) واللهُ أَعلمُ.

قال الغَزَالِيُّ: (فَرْعٌ): إِذَا اخْتَلَطَ حَمَامُ بُرْجٍ بِحِمَامِ بُرْجٍ آخَرَ وَعَسُرَ التَّمْيِيزُ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الانْفِرَادُ بِبَيْعِ شَيْءٍ مِنْ ثَالِثٍ* وَإِنْ بَاعَ مِنْ صَاحِبِهِ جَازَ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ لِلحَاجَةِ* وَإِنْ تَوَافَقَا عَلَى بَيْعِ الجَمِيعِ مِنْ ثَالِثٍ وَعَلِمَا مِقْدَارَ قِيمَةِ المِلْكَيْنِ أَوْ تَقَارَّا عَلَى تَقْدِير حَتَّى يُمْكِنَ التَّوْزِيعُ جَازَ وَإلاَّ لَمْ يَجُزْ* وَإِنِ اخْتَلَطَ حَمَامُ مَمْلُوكٍ بِحمَامِ بَلْدَةٍ لاَ يَحْرُمُ الصَّيْدُ إِذَا كَانَ المَمْلُوكُ مَحْصُورًا* فَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَحْصُورٍ كَحَمَامِ بَلْدَةٍ أُخْرَى فَوَجْهَانِ.

قال الرَّافِعِيُّ: إذَا تحوَّلَ بعضُ الحمَامِ منْ بُرْجِ إنْسَانٍ إلى بُرْجِ أخرَ، فإن كان المُتَحوَّلُ مِلْكًا للأوَّلِ -لم يَزُلْ مِلْكُه عنه، ووجِبَ على الثاني رَدُّهُ.

ولو حصل بَيْضٌ أو فَرْخٌ -فهو تبع للأُنْثَى دُونَ الذَكر، فيكون لمالِكِ الأُنْثَى. وإذا ادَّعَى إنسانٌ تحوَّل الحمام من بُرْجِهِ إلى بُرْجِ غَيْرِهِ لم يُصَدَّقْ إلاَّ ببيّنةٍ، والورَعُ أن نُصدِّقَه إلاَّ أَن نَعْلَم كذِبَه.

وإن كان المُتحوَّلُ مُبَاحًا -دخلَ البرجَ الأَوَّلَ فعلى الخِلاَفِ السابق فيما إذَا دخلَ الصَّيْدُ مِلْكَ الثَّانِي، فإن قُلْنَا: لاَ يَمْلِكُ، وهو الظاهِرُ فللثَّانِي أَنْ يتملّكَهُ.

ومَنْ دَخَلَ بُرْجَهُ حمامٌ وشَكَّ في أنَّ الداخِلَ من المباحاتُ أو هو مِلْكُ الغَيرِ -فهُوَ أَوْلَى بهِ، ولهُ أنْ يَتَنَاوَلَه؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنَّهُ من المُبَاحَاتِ، وإن تحقَّقَ أنَّهُ اخْتَلَطَ بمِلْكه ملكُ الغَيْرِ وعَسُرَ التميِيزُ ففي "التَّهْذِيب": أنَّهُ إذَا اختلطت حمامَةُ واحدة بحماماته فله أنْ يَأْكُلَ بالاجتهادِ وَاحِدَةً وَاحِدةً حتى يُبْقى واحدةً؛ كمَا لو اختلَطتْ ثَمَرةُ الغيرِ بثمرِهِ، والَّذِي حكاه الرُّوَيانِيُّ أنَّه ليسَ له أنْ يَأْكُلَ واحدةً منها حتى يُصالِحَ ذلك الغَير، أو يُقَاسِمه؛ ولهذا قَالَ بعضُ مَشايِخِنَا: ينبغي للمُتَّقِي أن يتَجنَّبَ طيرَ البرج وبناءها (٢) ونقل الإمامُ وغيرُهُ أنَّه ليس لواحد منهما التصرف في شَيْءٍ منها بِبَيْعٍ أو هِبَةٍ من ثَالِثٍ؛ لأنَّه لا يتحقَّقُ المِلْكُ ولو باعَ أو وَهَبَ أحَدُهمَا من الآخَر -ففيهِ وَجْهَانِ:


(١) ما بحثه الشيخ تبعاً للرافعي أشار إليه الروياني في الحلية فقال في باب بيع الأصول والثمار، ولو اشترى سمكة فوجد في جوفها لؤلؤة لا تدخل في البيع وينظر في اللؤلؤة فإن كانت مثقوبة ردها إلى بائعها حتى يعرفها لأنها لقطة وإن لم تكن مثقولة فهي للبائع لأنه اصطادها. قاله في الخادم.
(٢) سكت عن الترجيح لكن في شرح المهذب في باب الأواني صحح مقالة البغوي وقول الشيخ: ولهذا قال بعض مشايخنا: القائل بذلك هو الرافعي وهذا اللفظ ذكره الروياني في البحر.

<<  <  ج: ص:  >  >>