للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجِبُ عَلَى الأَوَّلِ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ أَحدٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ عَشَرَةٍ وَعَلَى الثَّانِي عَشَرةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحدٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ عَشَرَةٍ حَتَّى لاَ يَزِيدَ عَلَى القِيمَةِ وَيَتَفَاوَتَ الشَّرِيَكانِ* وَعَلَى الوَجْهِ الخَامِسِ لاَ يُمْكِنُ إيجَابُ زِيَادَةٍ عَلَى أَرْبَعٍ وَنِصْفٍ عَلَى الثَّانِي وَالبَاقِي إِلَى تَمَامِ العَشَرَةِ عَلَى الأَوَّلِ وَهُوَ الأَقْرَبُ وَلاَ يَنْفَكُّ وَجْهٌ عَنْ بُعْدٍ* وَلَوْ كَانَتْ إحْدَى الجِرَاحَتَيْنِ مِنَ السَّيِّدِ سَقَطَ مَا يُقَابِلُ جِرَاحَتَهُ وَلَزِمَ البَاقِيَ عَلَى الأَجْنَبِيِّ وَيُخَرِّجُهُ عَلَى الأَوجُهِ الخَمْسَةِ* وَقِيلَ: مَسْألة الصَّيْدِ كمَسألَةَ السَّيِّدِ مَعَ الأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مَالِكٌ* وَقِيلَ: بَلْ يَجِبُ جَمِيعُ القِيمَةِ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّ السَّيِّدَ مَالِكٌ وَالمَالِكُ ذَابِحٌ وَإنَّمَا فَسَدَ بِجنَايَةِ الثَّانِي* وَهَذَا إنَّمَا يتجه إِذَا كَانَ جَرَحَهُ بِحَيْثُ لَوْ مَاتَ بِهِ يَحِلُّ وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يُمْكِنِ الظَّفَرُ بِهِ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُستَقِرَّةٌ.

قال الرَّافِعِيُّ: تبيَّنَ مِنْ قبلُ أنَّ الصيدَ يُمْلَكُ بالجراحَةِ المذَفَّفَةِ وبالإزْمَانِ والإثْبَاتِ أيضاً. واحتجَّ لكون الإِزْمانِ مملكًا بما رُوِيَ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحَابَه مَرَّوْا بَظَبْيٍ حَاقِفٍ، فهمَّ أصحابِه بأخْذِه، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "دَعُوهُ حَتَّى يَجِيءَ صَاحِبِه" (١).

والحاقِفُ: هو المثْخَنُ العاجِزُ عن الامتناعِ، سَمَّى صَاحِبًا له، ومنعهم مِنْ أَخْذِه.

إذا عُرِفَ ذلك. [فالاشتراكُ] (٢) والاِزْدِحَامُ على الصيْدِ له أَحْوَالٌ. إحْدَاهَا: أن يتعاقَبَ جُرْحَانِ مِنِ اثْنيْنِ.

فالأولُ: إما أن يكونَ مُذَفِّفًا أو مُزْمِنًا، أَوْ لا مُزْمِنًا، أولا مذففًا، ولا مزمنًا، فإن لم يكن مذفِّفاً ولا مُزمناً، بل بقي على امتناعِه، وكان الثاني مُذَفِّفاً أو مزمناً، فالصيدُ للثَّانِي، ولا شَيْءَ على الأول بجراحَتهِ؛ لأنه كان مُبَاحاً حينئذٍ، وإن كان جُرْحُ الأولِ مُذفِّفاً، فالصيد حَلالٌ، ومِلْكٌ الأول، وعلى الثَّانِي أَرْشُ جِرَاحَتهِ، وإنْ حدث فِيها نقصانٌ في اللحم، أو الجِلْدِ؛ لأنه جنى على مِلْكِ الغَيْر.

وإنْ كان جُرْحُ الأَوَّلِ مُزْمِنًا، صار الجرْحُ مملُوكًا بالإزْمَانِ، وينْظَرُ في الثانِي: إن ذُفِّفَ بقطْعِ الحُلْقُومِ، والمريء فهو حلالٌ، وعليه للأول ما بين قيمته مَذْبُوحًا ومُزْمِناً.

قال الإمامُ: وإنما يظهر التفاوُتُ إذا كان فيه حياةٌ مُسْتقِرَّةٌ فأما إذا كان الحيوانُ


(١) رواه مالك [١/ ١٥٥] والنسائي [٥/ ١٨٢ - ١٨٣] وابن حبان [٩٨٣ موارد] والحاكم وأحمد بن حنبل في مسنده, من حديث عيسى بن طلحة عن عمير بن سلمة عن البهزي واسمه زيد بن كعب، وفيه قصة، ورواه ابن ماجة من حديث عيسى بن طلحة عن أبيه به، وتعقبه يعقوب بن شيبة بأن ابن عيينة خالف الناس فيه، وإنما هو عن عيسى عن عمير عن البهزي. قاله الحافظ.
(٢) في ز: فالاسترسال.

<<  <  ج: ص:  >  >>