للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَألِّماً [لو لم يُذْبح لهلك] (١) فما عندي: أنه ينقص منه بالذبح شيء ويجيء في الحلِّ تردُّدٌ حكَيْناه عن الإمامِ: فِيمَا إذا رَقَى إلى شَاةٍ رَبِيطَةٍ، وقطعَ الحُلْقُومَ والمَرِيءَ وفاقاً.

والظاهِرُ: الحلُّ، فإن ذُفِّفَ لا بقطع الحُلْقُوم والمرِيءِ أو لم يُذَفَّف ومات الصيد بالجرحَيْن، فهو مَيْتَةٌ [لا تحلّ] لأن المقدورَ عليه لا يحلُّ إلا بقَطْعِها.

وكذا الحكمُ لو رَمَى إلى صَيْدٍ فأزْمَنه، ثم رمى إليه ثَانِيًا، وذُفِّف، لا بقطع المذبح.

وأما إذا جُرِحَ بلا تَذْفِيفٍ، ومات من الجُرْحَيْنِ، فلأنه اجتمع المبيحُ والحاظِرُ، فيغلب الحاظر، كما لو اشترك في الذَّبْح مسلمٌ ومجوسِيٌّ، ثم يجب على الثاني إن ذفف كمال [قيمة] (٢) الصيد مَجْرُوحًا؛ لأنه أمسك مِلْكَ الأول، عليه فلزمه ضَمانُه.

وإن جُرِحَ الثاني بلا تَذْفِيفٍ، ومات من الجراحيْنِ فما الذي يجب على الثاني؟

القولُ فيه مفتتح بمسألةٍ خَطِيرة نذكرها بما فيها، ثم نعود إلى حيْثُ يقطع من مسألة الصَّيْدِ، أما تلك المسألةُ فصُورتها: إذا جَنَى رجلٌ على عَبْدِ إنسانٍ، أَوْ بَهيمةِ، أو صَيْد مملُوكٍ له قِيمَتُهُ عشرةُ دَنَانِير، فجرحَهُ جِرَاحةً أَرْشُها دِينارٌ، ثم جرحَهُ آخرُ جراحةً أَرْشُها دِينَارٌ أيضاً، وسرت الجراحتانِ إلى الهلاكِ، فَفِيما يجب على الجَانِبَيْنِ وجوهٌ:

أَحدُها: أنه يجبُ على الأَوَّلِ خمسةُ دَنَانِيرَ، وعلى الثاني أربعةٌ ونِصْفٌ؛ لأن الجِرَاحَتَيْنِ سَرَيَا وصارَا قَتْلاً، فعلى كل واحدٍ نِصْفُ القيمةِ، والقِيمةُ يومَ الجنايةِ الأُولَى عشرةٌ، ويومَ الجنايةِ الثانية تِسعةٌ، فيغرم كل واحدٍ منهما نِصْفَ قِيمتِه يومَ جِنَايَتِهِ، ونَسَبَ المُوفّقُ بنُ طَاهِرٍ هذا الوجْهَ إلى ابْنِ سُريج، وضعَّفه الأَئِمةُ -رحمهم الله- مِنْ جهة أَنَّ فيه إحباطَ نِصْفِ دينارٍ على المالِكِ.

والثَّانِي: وبه قال المُزَنِيُّ وأَبُو إِسْحَاقَ، يُغَرَّمُ كلّ واحدٍ منهما خمسةً. وذكر القاضي الرُّويانِي: أنه اختيارُ الفقهاءِ، ويوجه هذا بطريقين:

أَحدُهما: عن المُزَنِيُّ أنه يجب على كُلِّ واحدٍ منهما أَرْشُ جِرَاحتِه، وهو دينارٌ، لأنه نقصان تولد من جنايته (٣) وما بقي وهو ثمانيةٌ تلف بسِرايةِ الجراحتيْنِ فيشترِكَانِ فيه.

وأظهرُهما: عن أَبي إِسْحَاقَ: أَنَّ على كُلِّ واحدٍ منهما نِصْفَ قِيمته يومَ جنايته، إذا صارت نَفْسًا، دخل أَرْشُها في بدل النفسِ، وكلُّ واحدِ منهما لم يضمن إلا نِصْفَ النفس، فلا يدخلُ فيه إلا نصف الأَرْشِ، ولا يدخل النصفُ الآخر فيما ضمنه الآخِذُ.

وكذلك لو قطع يَدَ رَجُلٍ؛ فسرى، دخل أَرْشُ اليَدِ في بَدَلِ النفْسِ، ولو قطعها ثم


(١) سقط في ز.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: جراحته.

<<  <  ج: ص:  >  >>