للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولُه في الكتاب: "غيرُ واجِبَةٍ" مُعْلَمٌ بالحاءِ والميم لمذهبهما, ولا ضرورةَ إلى الجمْعِ بين اللَّفْظيْنِ، وهما قوله: "سُنَّةٌ غيرُ واجبة" وإن كان قد يُسْتحسن مثلُه؛ للتأكيدِ والإِيضَاحِ.

قولُه: "إِلاَّ إذا نَذَرَ" المقصودُ منه: أنه إذا التزم التضحيةَ بالنذْرِ، يلزم كما في سَائِرِ القُرُبَاتِ المنذورةِ.

ولو كانَ في مِلْكه بَدَنَةٌ أو شاةٌ فقال: جعلتُ هذه أُضْحِيةً -صارتْ ضحية ولزم ما التزم، وسيأتي الكلامُ في هذه الصورة، وما يتعلق بها في الباب.

ولوِ اشْتَرى بَدَنَةً أو شَاةً تَصلحُ للِضَّحِيَّةِ (١) بنية التَّضْحِيَةِ أو الهدْي لم تصر لمجرد ذلك ضحية ولا هديًا خِلاَفًا لأبي حنيفةَ ومالكٍ.

واحتج الأصحابُ بأن إزالَة المِلْكِ على سَبيل القُرْبةِ لا يَحْصُل بالنيَّةِ المقارنَةِ للشراءِ، كما لو اشترى بنيَّة الوقْفِ، أو اشترى العبْدَ بنيَّةِ العِتْقِ.

وفي "تَتِمَّةِ التتمَّة" حكاية وجه عن الأَصْحَاب كمذهبهما، وغالبُ الظن أنه صدر عن غفلةٍ وموضع ذلك الوجهُ النيةُ في دَوَامِ المِلْكِ على ما سيأتي إن شاء اللهُ تعالى.

وفي "البَحْر" للقاضي الرُّوَيانِي: أنه لو قال: إن اشتريتُ شاةً، فلله عليَّ أنْ أَجْعَلَها أُضْحِيَةً، فهذا نَذْرٌ مضْمُونٌ في الذِّمة، فإذا اشترى شاةً فعليه أَنْ يجعلَها أُضْحيةً، ولا تفسير بالشراء ضَحِيَّةٌ، وأنه لو عين وقال: إِنِ اشْتريتُ هذه الشاةَ فعليَّ أَنْ أجعلَها ضحيةً فوجهان (٢):

أَحدُهما: أَنَّه لا يلزمه [جعلُها] (٣) ضحيةً تَغْلِيبًا لحكم التعيين، وقد أوجبها قبل المِلْكِ.

والثَّانِي: يَلزم؛ تَغْليبًا لحكم النذْرِ، وأنَّه يتعلَّقُ بالذِّمَّةِ، جمع صاحبُ الكتاب مسائِلَ البابِ في نظرين.

أَحدُهما: في أَرْكانِ التَّضْحِيَةِ.

والثَّانِي: في الأَحْكَامِ على تَرْتِيبه المعْهُودِ.

وأمَّا الأَرْكَانُ، فلا شَكَّ أن التضحيةَ ذبحٌ خاصٌ، فلا بد من الكلام فيما يُذْبَحُ، والوقْتُ الذي يُذْبح فِيه، وكيفِية الذَّبْح، وهذه هي التي سمَّاها أَرْكَانًا، ثمَّ منها ما يعمُّ كلَّ ذبح، ومنها ما يختصُّ بهذا الذبح، ومنه قصدُ القُرْبةِ، وهو مدرج في خلال المسائل.


(١) في ز: للتضحية:
(٢) سكتا في الترجيح، وفي شرح المهذب للنووي الأقيس عدم اللزوم.
(٣) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>