للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولُ: ما يُذْبَح، وتختصُّ التضحية بالأَنْعَامِ إجْماعًا، وقد قال تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: ٢٨].

والأنعامُ: هي الإبِلُ والبَقَرُ والغَنَمُ، ولم يُؤْثَرْ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا عن أصحابه -رضي الله عنهم- التضحيةُ بغيرِها.

ووجهٌ أيضاً: أن التضحيَة [عبادةٌ] (١) تتعلَّقُ بالحيوانِ، فتختصُّ بهذه الأنواعِ، كالزَّكَاةِ، ويُجزِئ فيها الذكرُ والأُنْثَى بالاتفاقِ، وبالقياسِ على العَقِيقَةِ.

وقد نُقل في خبر العَقِيقَةِ أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ يَضُرُّكُمْ ذُكْرَاناً أَو وإِنَاثاً (٢) " يعني الشِّيَاهَ.

وأمَّا السِّنُّ: فلا يُجْزِئُ من الضَّأْنِ إِلاَّ الْجَذَعُ والجَذَعَةُ ومن الإبل والبقرِ إِلاَّ الثنيُّ والثنيّة؛ لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "ضحوا بالجذَعِ من الضأن (٣)، وأنه -صلى الله عليه وسلم- قال: نَعْمَ الضَحِيَّةُ الجَذَعَةُ مِنَ الضَّأَنِ" (٤).

وعن البَراءِ بْنِ عَازِبٍ -رضي الله عنه- قال: خطبنا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يوم النَّحْرِ بعد الصلاةِ فقال: مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا، ونَسَكَ نُسُكَنَا؛ فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَتِلْكَ شاةُ لَحْمٍ فقام أبُو بُرْدَةَ بنِ نِيَارِ -رضي الله عنه-. فقال: يا رسولَ اللهِ لَقَدْ نَسَكْتُ قَبْلَ أَنْ أخْرُجَ إلى الصَّلاةِ فقال: تلك شاةُ لَحْمٍ، فقال: فإن عندي عنَاقاً جذعةً، هي خيرٌ من شَاتَيْ لَحْمٍ، فهل تجزِئُ عَنِّي؟ قال نَعَمْ، ولَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ (٥).

والمعنى فيه أَنَّ الثنَايَا (٦) من الإِبلِ والبَقَرِ والغَنَمِ تَتَهيَّأ للحَمْلِ والنَّزَوانِ والجذاع من


(١) سقط في ز.
(٢) رواه أبو داود [٢٨٣٥] والترمذي [١٥١٦] والنسائي [٧/ ١٦٤ - ١٦٥] والدارقطني والحاكم [٤/ ٢٣٧] وابن حبان [١٠٦٠ موارد] من حديث أم كرز الكعبية: أنها سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن العقيقة، فقال: عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة، لا يضركم ذكرانًا كن أم إناثًا، لفظ الترمذي. رواه ابن ماجة [٣١٦٢].
(٣) رواه أحمد [٦/ ٣٦٨] وابن جرير الطبري والبيهقي [٩/ ٢٧١]، من حديث أم بلال قالت: قال رسول الله فذكره، ورواه ابن ماجة [٣١٣٩] من حديث أم بلال بنت هلال عن أبيها بلفظ: يجوز الجذع من الضأن أضحية، وأشار الترمذي إلى هذه الرواية.
(٤) أخرجه الترمذي [١٤٩٩] من حديث أبي هريرة وفيه قصة، وقال: غريب، وقد روي مرقوفًا، وفي الباب عن جابر وعقبة بن عامر وأم بلال بنت هلال عن أبيها، وحديث عقبة رواه ابن وهب بلفظ: ضحينا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بجذع من الضأن.
(٥) أخرجه البخاري [٩٥١ و ٩٥٥ و ٩٦٥ و ٩٦٨ و ٩٧٦ و ٩٨٣، مسلم ١٩٦١] واللفظ هنا لرواية أبي داود، إلا أنه قال: بدل فلا نسك له، فتلك شاه لحم.
(٦) في ز: الضحايا.

<<  <  ج: ص:  >  >>